للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَد صَحَّ لي باتفاقِ النَّاس كلِّهِمُ … رِوَايةُ العَدْل والإِنصافِ عن سَلَفِي

إنّي لَمِن مَعشَرٍ كانت مَعَايِشُهُم … بالقَصدِ أمَّا عَطاياهم فبِالسَّرفِ

قومٌ متى طَلَعَت ليلًا مآثِرُهُم … رأيتُ بَدر الدُّجَى في زِيِّ مُنخَسِفِ

وقالَ في الزُّهد (١):

فإن تَكُ في رَثٍّ من الثَّوبِ مُخلِقٍ … فإنَّ اللُّبابَ المَحضَ في باطِنِ القِشْرِ

سَيَمْضِي سَرِيعًا حُلْوُ عَيْشٍ ومُرّه … فلا أحَدٌ يبقى على الحُلو والمُرِّ

وقالَ أيضًا (٢):

هو المَوتُ في كلِّ يومٍ يُنادي … تَهَيَّأ تَهَيَّأ ليوم المَعَادِ

تَزَوَّدْ فقد قَرُبَ الارْتِحَا … لُ وما ذلِكَ الزَّادُ غيَر الرَّشَادِ

وقالَ يَهجو وزيرًا كان يَتَظَرَّف، وكان أبوه ممن يَبيعُ المِلْحَ (٣):

أَمفتخرٌ هذا الوزيرُ بأنَّه … لَيَنشُرُ فوه المُلحَ عند التَّكَلُّمِ

وأنَّى لهُ ملْحٌ وأنَّ جُدُودَهُ … لَعَمرِيَ بَاعوا المِلْحَ في سوقِ دَرْعَمِ

سوقُ دَرْعَم: من أرباع سَمَرْقَنْدَ.

وقالَ يَرثى ولَدَهُ (٤):

دَفَنتكَ ما بَين الحِجارَةِ والتُّربِ … ولو أَنَّني أنصفتُ صُنُتَك في قَلْبِي

أَقُرَّةَ عَيني مُذ تَسَتَّرتَ في الثَّرَى … فأنوارُ عَيني قد تَسَتَّرنَ بالحُجْبِ

وقالَ في ذَمَّ أَهلَ زَمَانِهِ (٥):

يا زُمرةَ الشُّعراءِ دَعوةُ ناصِحٍ … لَا تأمَلُوا عندَ الكِرامِ سَمَاحَا

إنَّ الكرامَ بأَسرِهِمْ قد أَغلَقُوًا … بابَ السَّماحِ وضَيَّعوا المِفْتاحَا


(١) بدائع الملح ورقة: ١٤.
(٢) الكتاب السابق ورقة ٩٢.
(٣) الكتاب السابق ورقة ٦٦.
(٤) شرح سقط الزند ٩٣٧.
(٥) معجم الأدباء ١٦/ ٣٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>