للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ جارُ اللَّهِ: "فصلٌ؛ ولا بُدَّ لك في المندوبِ من أن تُلحِقَ قبلَهُ ياءًّ، أو واوًا، وأنتَ في إلحاقِ الألفِ في آخره مخيَّرٌ فتقولُ: وازيداه، أو وازيدَ، والهاءُ اللَّاحقةُ بعدَ الألفِ للوقفِ خاصةً، دونَ الدَّرجِ:

قالَ المشرّح: أمَّا (يا) فلأنَّه منادى قالَ جرير (١):

يُبقي (٢) الإِلهُ أميرَ المؤمنين لَنا … يا خيرَ من حَجَّ بيتِ اللَّه واعتَمَرا

حُمِّلتَ أمرًا عظيمًا فاضطلعتَ بِهِ … وقمتَ فيها بأمرِ اللَّهِ يا عُمَرَا

أمّا (وا) فإنّه نداءٌ يختصّ بالموتى، وأمَّا إلحاقُ الألف في آخرهِ فلَما قالَ سيبويه (٣): لأنَّ النّدبةَ كأنَّهم يَتَرَنَّمُون فيها، ولأنَّك تَزيدُ في آخِرِ الاسمِ في النّداءِ الألفَ التي تُلَيَّنُ بالهاءِ في الوقفِ، وذلك إذا أردتَ أن تُسمِعَ بعيدًا. قال (٤) ابنُ السَّرَّاج: تقولُ: يا زيداه إذا ناديتَ بعيدًا تجيءُ بالهاءِ إذا وقفتَ، فإذا وَصَلتَ قلت: يا زيدُ أقبِل، ويا قَومًا تَعَالوا، وكذلك إذا نَدَبتَ هالِكًا. قالَ ابنُ السّراجِ: لأنَّ المندوبَ في غايةِ البُعدِ، لأنَّ زيادةَ الألفِ لمدِّ الصوتِ، ليكونَ أظهرَ لِلتَّفَجُّعِ، ولما كانت الألفُ تَجري مَجرى النَّفسِ، ولم يكن لها مُعتَمدٌ في الفَمِ، وكانت تُعَرَّضُ للخفاءِ (٥)، والذَّوب خيفَ عليها الزَّوالُ، فزِيدَت بعدها الهاءُ لتظهرَ، وتَبقى منطوقًا بها.

قالَ جارُ اللَّهِ: ويلحقُ ذلك المضافُ إليه فيقالُ: واأمير المؤمنيناه،


(١) يرثى عمر بن عبد العزيز. ديوانه: ٧٣٦. وهما في المغني: ٣٧٢، وشرح شواهده للسّيوطي: ٢٦٨، والعيني ٤/ ٢٢٩، والتصريح: ٢/ ١٦٤، والهمع: ١/ ١٨٠، وبعدهما في الكامل: ٢/ ٢٧٣:
والشمس طالعة ليست بكاسفة … تبكي عليك نجوم الليل والقمرا
والبيت الثاني فقط في كتاب البديع في علم العربية لأبي السّعادات المبارك بن الأثير: ورقة: ١٣٢.
(٢) روي في بعض المصادر: (ينعى النّعاة).
(٣) الكتاب: ١/ ٣٢١.
(٤) في (ب) فإنّ.
(٥) في (أ) الخفاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>