للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن سألتَ: لم احتججتَ لتصحيحِ كلامِك ببيتِ رجلٍ لا يحتجُّ بشعرِه؟!.

أجبتُ بوجهين، أحدُهما: أنّ الرّجلَ كما هو من الشّعراءِ فهو أيضًا من الأدباءِ ولو نَقَلتُ عنه كلامًا منثورًا للزِمَكَ قبولُه، فكيفَ إذا كان منظومًا؟! الثّاني: أنَّ هذا نقلٌ في المعنى لا في اللّفظِ، فيجوزُ الاحتجاجُ بقوله، قال ابنُ جني (١) المحدَثُون يحتجُّ بهم في المعاني كما يحتجُّ بالقدماءِ في الألفاظِ. أهلَك واللّيل: أي بَادر (٢) أهلَك أن يفوتُوا بمجئ اللّيلِ، وبادِرِ اللّيلَ أن يفوتَهم بمجيئِه، ومحصولُه: بادِرهم قبلَ اللّيلِ.

قالَ جارُ الله: "ومنه عَذِيرَك أي أحضرِ عُذرَك (٣) أو عاذِرَكَ".

قالَ المشرّحُ: هذا المثلُ وقعَ في قولِ عَمرِو بنِ معدِي كربٍ الزَّبيديّ (٤):

عَذِيريَ من خَلِيليَ من مُرَادِ

كان باليمنِ رجلٌ اسمهُ ثورٌ (٥)، غَزا هو وعمرُو بنُ معدي كربَ، فَغَنِما فوقع بينهما بسببِ قِسمةِ الغَنَائِمِ منافرةٌ فقالَ عمرٌو (٦):


(١) الخصائص: ١/ ٢٤.
(٢) الخصائص: ١/ ٢٧٩.
(٣) في (ب) عذيرك.
(٤) ديوانه: ص ٩٦، وفي نسبته إليه اختلاف أذكره بعد قليل.
(٥) رواية الأغاني: ١٥/ ٢٢٦ كان عمرو غزا هو وأبيّ المرادي … ورواه غير: … هو وقيس بن المكشوح المرادي، وقال الغندجاني في فرحة الأديب: ١٦/ أ: … قيس بن هبيرة بن عبد يغوث … وهبيرة هو المكشوح. ومثله في الاشتقاق لابن دريد: ٤١٤، قال فارس مذحج: وهو الذي قتل الأسود العنسي الذي تنبأ باليمن وأمّا قول المؤلف -رحمه الله- كان باليمن رجل اسمه ثور غزا هو وعمرو بن معدي كرب … فهذا خطأ ظاهر وقع فيه المؤلف، لأن عمرو بن معدي كرب يكنى أبا ثور، وأمّا الذي غزا معه ونافره فهو أبيّ المرادي على رواية أبي الفرج، وقيس بن هبيرة المرادي على رواية الأسود وغيره.
(٦) رواية الديوان عذيرك من خليلك .. =

<<  <  ج: ص:  >  >>