للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو أحسنُ من أن يُجعلَ في بابِ ارتكابِ الحذفِ من المُلْبِس في ضرورةِ الشّعرِ. الحذفُ بالعصا، وأما (١) الخَذف -بالخاء المعجمة (٢) - فبالحَصى.

قالَ جارُ الله: "ومنه شأنَك والحجَّ، أي عليك شأنَك مع الحجِّ، وامرأ ونفسَه، أي دَعه مع نفسِه، وأهلَك واللَّيلَ أي بادرهم قبل اللَّيلِ".

قالَ المشرّحُ: هذا (٣) الفصلُ يذكرُ فيه ما إذا كان المنصوبُ متعدّدًا، ولم يكن مكررًا محضًا، والعاملُ فيه مفردٌ، لا يظنّ بأنَّ المرادَ بالشّأنِ شيءٌ هو ما وراءَ أمورِ الحَجِّ، حتى كأنَّه أُريد اقتضاءُ دينٍ على غريمٍ أو اشتِغَالٌ (٤) بتجارةٍ رابحةٍ، أو قتالُ عدوٍّ مُعَارِضٍ، بل المرادُ مقدّماتُ الحجٍّ نحو المُسافرةِ وتهيئةِ أسبابِه، وحينئذٍ تكون الواو بمعنى مع ضرورةَ أنَّها لو كانت العاطفةَ لكانَ المأمورُ به شيئين، وليس بهما، وإنّما هو شيءٌ واحدٌ وهو الحجُّ مع لوازِمه. امرأً ونفسَه يحتملُ أن تكونَ الواو عاطفةً، وأن تكون بمعنى مع، فإن حملته على العطفِ كانَ حثًّا على هَجره، والفرارِ عنه نفسه، وهذا كما يقالُ: خَلّيتَكَ ونفسَكَ، وخلّيتَكَ وأخلاقَكَ، وإن حملتَهُ على معنى مع -وهو الذي إليه ذهبَ الشّيخُ- فهو إمّا قَصرٌ ليدِه ولسانِه عنه كقولهم: امرأً وما اختاره هو الظّاهر. وإمَّا استعظامٌ لما يُزاوله من التَّعبِ كقولهم: خَلّه وأشغالَه، وإما تنبيهٌ على أنَّ عاقبةَ ما يزاوله حَميدةٌ أو وَخِيمَةٌ. وفي عراقياتِ الأبِيوَردِيِّ (٥):

إذا الإِنسانُ قرّبَ أعوجيًّا … وضاجعَ هندوانيًا صَقيِلًا

فَدَعه والمصاعَ فسوفَ يُؤتى … به ملكًا مهيبًا أو قَتيِلًا


(١) في (ب) فقط.
(٢) في (ب) … فبالخصى بالخاء المعجمة.
(٣) النّص في شرح الأندلسيّ: ١/ ٢١٧. نقلًا عن التخمير.
(٤) في (أ) اشتغل.
(٥) ديوان الأبيوردي (العراقيات): ١/ ٣٩٩، وقد روي في الديوان: إذا الأموي …

<<  <  ج: ص:  >  >>