للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل الشام والوافدين عليه ما يزيد على خمسةٍ وعشرين إمامًا، دون نظّامه وحفظته في القرن السَّابع الهجري فقط.

وهو كتاب مدرسي لتعليم النحو، وكان يقرر على الطلبة فيتسارعون إلى حفظه ودرايته لا ينافسه منافس في القرنين السادس والسابع الهجريين في شرق العالم الإسلامي (خوارزم، وخراسان وما جاورهما). وهو من أبرز الكتب التي كانت تدرس في حلقات العلم في الشام ومصر والعراق والحجاز واليمن. أمَّا في بلاد المغرب والأندلس فإنَّه على الرغم من أنه وصلها مبكرًا إلَّا أن مذهبَ صاحبه الاعتزالي حال دون انتشاره. قال ابن مالك: والزمخشري نحوه صُغَيِّرات (١). كما أنَّ أبا حيان ردّ على الزمخشري وانتقد "المفصل" في عدة مواضع من مؤلفاته (٢).

وقال عن الزَّمخشري (٣): إنه لم يقرأ كتاب سيبويه، إلا بعد تأليف المفصل، على رجل من أصحابنا (أندلسي) كان مجاورًا في مكة واسمه أبو بكر عبد الله بن طلحة اليَابِرِيّ. ووجد كتاب "المُفَصَّل" منافسة شديدة في بلاد الأندلس والمغرب فأهل تلك الديار متعلقون بكتاب "الجُمل" لأبي القاسم الزَّجَّاجِيّ ٣٣٨ هـ، وكتاب: "الإِيضاح" لأبي علي الفارسي ٣٧٧ هـ ولهما بهذين الكتابين عنايةٌ تامةٌ. كما أن للأندلسيين والمغاربة عناية بالكافي لابن النحاس ٣٣٨ هـ، والواضح للزبيدي ٣٨٠ هـ، والتبصرة للصَّيمري … ولهم على كل هذه المؤلفات وغيرها في القرنين السادس والسابع شروح وتعليقات قيمة. فانصرافهم لها وتعلقهم بها درايةً وحفظًا وشرحًا قلَّل في نظرهم من قيمة كتاب المُفَصَّل لهذا المعتزلي، فكتاب أبي القاسم السُّني أحب إليهم من كتاب أبي القاسم المعتزلي.

وفوق هذا كلّه كان كتاب سيبويه يعيش أسعد أيَّامه في هذا القرن السابع بالذات، فهم يروونه بالسند، ويحفظونه عن ظهر قلب، ويتعهدونه


(١) الوافي بالوفيات للصفدي: ٣/ ٣٦٣ والبغية: ١/ ١٣٤.
(٢) انظر مثلًا؛ التذييل والتكميل: ٢/ ٣٦ نسخة (الاسكوريال).
(٣) انظر: التذييل والتكميل، والبحر المحيط: ٤/ ٣٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>