للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ المشرّحُ: كما يحتمل (١) أن يكونَ مفعولًا، فكذلك يحتملُ أن يكون انتصابُه على المصدَرِ، فبعد ذلك قولك: هذا، إمَّا أن يكونَ في محلِّ النّصبِ، فيكونُ المعنى: أزعمُ هذا ولا تَزعمُ زعماتِك وإمَّا في محلِّ الرّفعِ فيكون بمنزلةِ قولهم: هذا القولُ لا قولك: إلّا أنَّ ذلك بلا العاطِفَةِ وهذا بالواو العاطفةِ، وإنَّما لَزِمَ إضمارُ العامِل ها هنا للابتدارِ إلى مخالَفَةِ المخاطَبِ.

قالَ جارُ الله: "وقولهم: كِليهِما وتمرًا، أي أعطني".

قال المشرّحُ: في هذا التفسير نظرٌ. والصّوابُ أعطيكَ وأطعمُك، ويتضحُ لك ذلك إذا تَصَفَّحت شأنَ ورودِ المثلِ (٢). مرَّ بعضُهم (٣) بعمروِ (٤) بنِ حَمران الجَعدي، وكان عنده زُبدٌ وقرصٌ، فقال له أعطِني زبدًا وقرصًا فقالَ عمرو أعطيكَ وأطعمُك، وأزيدُك تمرًا ولزمَ إضمارُ العامِل ها هنا للابتدارِ إلى طاعةِ المخاطبِ.

قالَ جارُ الله: "وكلُّ شيءٍ ولا شتيمةَ حرٍّ، أي أبيتِ كلَّ شيءٍ ولا تَرتكبُ شتيمةَ حرًّ".


(١) نقل الأندلسي شرح هذه الفقرة كلها في المحصّل: ١/ ورقة ٢١٨.
(٢) ورد المثل في جمهرة الأمثال: ٢/ ١٤٧، والفاخر: ١٤٩، ومجمع الأمثال ٢/ ١٥١ والمستقصى: ٣٧٠، وفصل المقال: ١١٠، وانظر المثل في كامل رواياته وتفاصيل قصته في مجمع الأقوال في معاني الأمثال لابن العكبري. الورقتان ١٣٧، ١٣٨.
وللمثل روايتان (كلاهما وتمرا، وكليهما وتمرا)، وقد وجه ابن العكبريّ كلتا الروايتين توجيهًا حسنًا. قال: … ومن رفع حكى أنّ الرجل قال أنلني مما بين يديك؟ فقال عمرو: أيهما أحبّ إليك زبد أم سنام؟ فقال الرجل: كلاهما وتمرًا، أي مطلوبي كلاهما، وأريد معهما تمرًا أو فزودني تمرًا. وعلى هذه الرواية يصح توجيه كلام الزمخشري إلا أنه نصب كليهما، وكان حقها أن ترفع.
وأما رواية النصب فكما وجهها الخوارزمي هنا.
(٣) الرجل الذي مرّ بعمرو هو عائذ بن يزيد اليشكري كما جاء في فصل المقال. ١١٠.
(٤) في (أ) عمر.
(٥) في (ب) فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>