للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ المشرّحُ: لَزِمَ إضمارُ العاملِ ها هنا (١) للابتدارِ إلى النهي، ومنهم من يرفعُ الأولَ وينصبُ الثاني كأنَّه قال: إيتِ كلَّ شيءٍ أمم ولا تشتُمُ حُرًا.

قالَ جارُ اللَّه: "ومنه قولهم: أتيته أمرًا قاصدًا، لأنّه لمّا قال أتيته عُلم أنه محمولٌ على أمرٍ مخالفٍ للمنهيّ عنه، قال اللَّهُ تعالى (٢): {انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ} ويقولون حسبُك خيرًا لك، ووراءَك أوسعُ لك".

قالَ المشرّحُ: المعنى أتيت أمرًا قاصِدًا، وكذلك: أيتِ خيرًا وكذلك أيتِ أوسعَ لك، أي مكانًا أوسَع لك، ولزمَ إضمارُ العاملِ للابتدارِ إلى الأمرِ.

قالَ جارُ اللَّه: "ومنه (٣) من أنتَ زيد تَذكُر زيدًا أو ذاكرًا زيدًا".

قالَ المشرّحُ: انتصابُ ذاكرًا أو تذكرُ على الحال، والعاملُ فيه ما في معنى مَنْ من الاستفهام (٤) وعن السّيرافي: كان رجلًا يُسمّى زيدًا، وكان زيدُ رجلًا مشهورًا بالشجاعةِ، أو ضرب من ضروبِ الفَضلِ المذكور بها الرَّجُلُ فدفعَ عن ذلك وأنكرَ عليه. وقد يجوزُ فيه الرفعُ وتقديره: ذكرك أو كلامُك زيدٌ، فلزم إضمارُ العامل لما فيه من الابتدارِ إلى الإِنكارِ.

قالَ جارُ اللَّه: "ومنه مرحبًا وأهلًا وسهلًا أي أصبت رحبًا، لا ضيقًا وأتيت أهلًا، لا أجانِبَ، ووطئِتَ سهلًا من البلادِ، لا حزنًا".


(١) في (ب) فقط.
(٢) النساء: آية: ١٧١ لم يشرح المؤلف هذه الآية، ولم يوجه قراءة النصب فيها وقد اختلف النحويون في توجيه إعراب خيرًا، وما ذكره الزمخشري هنا هو توجيه سيبويه في الكتاب: ١/ ١٤٣.
وقال الكسائي: هو منصوب بإضمار يكن، وقال الفراء: هو منصوب بالفعل المذكور، وهو قوله: انتهوا. انظر المسألة في مجالس الخطيب الإِسكافي ورقة ٥٢، ٥٣.
(٣) انظر الكتاب ١/ ١٤٨.
(٤) نقل الأندلسي في شرحٍ المفصل هذا النص في كتابه ثم ردّ عليه بقوله: أقول: معنى الاستفهام لا يعمل أصلًا إجماعًا من النحويين. المحصل ورقة ٢١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>