للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرّفعُ بالابتداءِ - وهذا ظاهرٌ، والنَّصبُ على أن يُجعلَ قولُه حَقَّ عليهم الضَّلالة كِنايةً عن الإِضلالِ (١) -وما ألطَفَهَا- فلمَّا انعطَفَت هذه الجُملةُ على الجملةِ الفعليَّةِ صارَ الاختيارُ هو النّصبُ، ضَرورةَ أنَّ العطفَ يَقْتَضِي مَزِيَّةَ تَشَاكُلٍ.

قالَ جارُ الله: "وإذا قلتَ: زيدًا لقيتُ أباه، وعمرًا مررتُ به، ذَهَبَ التَّفاضُلُ بينَ رَفعِ عمروٍ ونَصبِه، لأنَّ الجُملةَ الأولى ذاتُ وَجهَين.

قالَ المشرّحُ: ذلك الفصلُ (٢) الذي ذكرناه في الفَصلِ المتقدّم من اختيار النَّصبِ على الرَّفعِ فيما إذا كان المَعطوفُ عليه لا يَشتملُ إلّا على جملةٍ فِعليَّة، أمَّا إذا كانت الجملةُ المَعطوفُ عليها ذاتَ وَجهين فإن كان فيها جُملةٌ ابتدائيةٌ وجُملةٌ فعليةٌ فالنصبُ في الجملةِ المعطوفِ عليها لا يكونُ هو الاختيارُ وذلك قولك: زيدٌ لقيتُ أباه وعَمرًا مَررتُ به، فكما يحسُنُ في عمروٍ النَّصبُ، لأنَّه معطوفٌ على الجملةِ الفعليةِ، وهي لقيتُ أباه، فكذلك يحسُنُ فيه الرَّفعُ، لأنَّه معطوفٌ على الجملةِ الإِسميَّةِ وهي زيدٌ لقيتُ أباه.

قالَ جارُ الله: "فإن اعتَرَضَ بعدَ الواوِ ما يَصرفُ الكلامَ إلى الابتداءِ كقولك: لقيتُ زيدًا، وأمَّا عمرٌو فقد مررتُ به، ولقيتُ زيدًا وإذا عبدُ الله يَضربُه عمرٌو، وعادت الحالُ الأولى جَذَعةً.

قالَ المشرّحُ: يقول الشيّخُ: ذلك الموضعُ الذي اختارَ فيه النّصب على الرّفعِ إذا دَخَلَ في الجملةِ المعطوفةِ ما يصرفُ الكلامَ إلى الابتداءِ صارَ الاختيارِ فيه الرفعُ، وذلك إذا قُلتَ: لقيتُ زيدًا، وأمَّا عَمرٌو فقد مررتُ به، وأَهنتُ بِشرًا، وأمّا بكرٌ فقد أَكرَمتُهُ وذلك لأنَّ (٣) الأجودَ أن يكونَ الاسمُ الواقعُ


(١) في (أ) الضلال، وما في (ب) يوافقه ما جاء في شرح الأندلسي منقولًا من هنا.
(٢) في (ب).
(٣) في (أ) أن.

<<  <  ج: ص:  >  >>