للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرى في قوله تعالى (١): {الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} وقُرئَ قَوله تَعالى (٢): {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} "وما عَمِلَت"، ومن الثَّاني قولهم: فلانٌ يُعطي ويمنَعُ ويصلُ ويقطَعُ، ومنه قوله تعالى (٣): {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} وقول ذي الرّمة (٤):

وإن تعتَذِر بالمَحلِ من ذي ضُروعِها … إلى الضّيفِ يَخرج في عراقيبِها نَصلي"

قالَ المشرّحُ: حذفُ المفعولِ على ضربين، أحدُهما: أن يحذفَ ويُراد، وذلك: أن يكونَ عليه سوى نفسِ الفعلِ دليلٌ آخرُ (٥)، ألا تَرى (٦) أنّ قولَه: "ويقدرُ" كما يقتضي المفعولَ، من حيثُ إنّه فعلٌ متعدٍّ فكذلك يقتَضيه من حيثُ إِنَّ "يقدِرُ" قد وقعَ في مقابَلتهِ يَبسُطُ، ويَبسُطُ له مفعولٌ، وهو الرِّزقُ، فَكَذَلِكَ يقدِرُ، وهكذا رَحِمَ في قوله: {إِلَّا مَنْ رَحِمَ}، كما يَستَدعِي المفعولَ من حيثُ إنَّ (٧) الرَّحمةَ لا تكونُ بدونِ مرحومٍ، فكذلك يستدعِيهِ من حيثُ أنّه وقعَ صِلةً، والجملةُ متى وقعت صِلةً لموصولٍ فلا بُدَّ فيها من ضَميرٍ يَرجِعُ إلى المَوصولِ.

والثاني: - أن يُحذفَ فلا يرادُ، بل يُتركُ نَسيًا منسيًا، كما في قولهم: فلانٌ يُعطي ويَمنعُ، بدليلِ أنَّ كلَّ واحدٍ من المفعولين المحذوفين لا دليلَ


(١) سورة البقرة: آية: ٢٧٥.
(٢) سورة يس: آية: ٣٥.
(٣) سورة الأحقاف: آية: ١٥.
(٤) ديوانه: ١/ ١٥٦ من قصيدته التي مطلعها:
خليليّ عوجا عوجة ناقتيكما … على طلل بين القرينة والحَبلِ
انظر شرح البيت وإعرابه في المنخّل: ٣٧، والخوارزمي: ١٨، وزين العرب: ١٦ وشرح الأندلسي: ١/ ٢٢٩، وابن يعيش: ٢/ ٣٩، والزملكاني: ٢/ ٦٦.
(٥) في (أ).
(٦) في (ب) الأولى.
(٧) في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>