للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقولُ: جاءَني من سواكَ، ورأيتُ ما سواكَ، ولو لم يَكُن ظَرفًا لما استقلَّت به؟ ألا تَرى أنَّه لا يُقالُ: جاءَني مَن غيرُ زيدٍ، وأمَّا قولنا: جاءَني القومُ سوى زيدٍ بمعنى غيرَ زيدٍ فتدريس. قال الإِمامُ عبدُ القاهِرِ الجرجاني (١): لا تقولُ هذا سِواك، ولا هو على سِواك، وهذا لأنَّ سِوى لا يكون للاستثناءِ إلَّا إذا كانَ ظَرْفًا، فإذا أَخرجتَهُ عن الظَّرفية بَطَلَ كَونُهُ للاستثناءِ. قالَ سيبويه: لا يكونُ إسمًا إلَّا في الشِّعرِ (٢)، والذي يفرَّقُ بينهما أنَّهم أَجازوا: عِندي غيرُ عبد اللهِ ولا عمرٌو (٣)، ولم يُجيزُوا سوى عبدِ اللهِ، ولا عمرٌو (٣)، نَقَلَه الغُوري (٤) (٥).

قالَ جارُ اللهِ: "ومما يختارُ فيه أن يلزمَ الظَّرفيَّةَ صفةُ الأحيان، تقول: سِيرَ عليه طويلًا وكثيرًا، وقليلًا، وقديمًا، وحديثًا".

قالَ المشرّحُ: صفةُ الأحيانِ (٧) ليست في الحقيقةِ بِظرفٍ، إذ هي في الأصلِ ليست زمانًا ولا مكانًا، بل هي شيءٌ أجنبِيٌّ عن الظّرفِ، أُجريَ مَجراه، وأقيمَ مقامه، والدالُّ على كونِها ظَرفًا هذا النَّصبُ، فإذا ذَهَبَ ذَهَبَت (٨) عنه (٩) الظَّرْفِيَّة، واندَرَسَت، ولم يبقَ من أطلالِها ورسومِها شيءٌ، بخلافِ الظَّرفِ، فإنَّه -وإن وَدَّعه (١٠) النَّصبُ- لم يُوَدِّعهُ العِلمُ المحيطُ بكونِهِ


(١) انظر شرح الإِيضاح له: ورقة ١١٩، ١٣٠.
(٢) الكتاب: ١/ ٢٠٢، ٢٠٣.
(٣) في (ب) وزيد.
(٤) تقدم التعريف به.
(٥) نقل الأندلسي في شرحه: ١/ ٢٣٢، نصّ الخوارزمي من أوله إلى هنا، ولم يعقب عليه بشيء.
(٦) في (أ) ظرف.
(٧) نقل الأندلسي في شرحه: ١/ ٢٣٣، ٢٣٤ نصّ هذا المؤلف.
(٨) في (أ) ذهب.
(٩) في (أ).
(١٠) في (ب) أودعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>