للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَطلعُ، ولا إفطارَ والشمسُ تَغْرُبُ. فإن سألتَ: لم لا تكونُ "صلاةَ" ذا الحالِ؟ أجبتُ: لأنَّها نكرةٌ، والنكرةُ -كما هو معتَقَدُهُم- لا تكونُ ذا حالٍ، وكذلك قالوا: بأنَّ الواوَ في قولِهِم جاءَني رجلٌ ومعه آخرُ، ومرَّ بي بَطَلٌ وفي يده سيفٌ ليست للحالِ.

الوجهُ الثَّاني: أنَّ الحال بيانُ هيئةِ الفاعلِ أو المفعولِ، وهذه المصدّرة بالواوِ ليست به ألا تَرَى أنَّك إذا قُلتَ: تَقَلّدتُ سَيفي والشمسُ طالعةٌ. وطلوعُ الشمسِ ليس ببيانِ هيئةِ المُتَقَلِّدِ.

الوجهُ الثالِثُ: أنَّ إسنادَ شيءٍ من الفعلِ إلى الحالِ باتفاقِ النَّحويين لا يجوزُ، وهذه المُصَدَّرةَ ممَّا يُسْنَدُ (١) إليه المَبْنِيّ للمَفْعُولِ ألا تَرَى أنه يجوز التَّسَحُّر والصبحُ طالعٌ والفطرُ والشمسُ لم تَغْرُبْ، والظَّرفُ والحالُ مشتَبِهان جدًّا، ولذلك اشتَبَهَا في قولِكَ: جاءَا معًا، وذَهَبَا معًا. قال عَلِيُّ بنُ عِيسى (٢): ونُصِبَا معًا على الحالِ كأنَّه قيلَ: ذَهَبَا مُجْتَمعين، ويجوزُ أن يكونَ نصبُه على الظَّرفِ، كأنَّه قِيلَ: ذَهَبَا في وقتِ اجتِماعِهِما، والذي غرَّ النّحويين منه أنَّهم وَجَدُوا قَولهم: جِئتُكَ والشَّمسُ طالِعَةٌ يَرجِعُ معناه إلى مَعنى قولِك: جِئتُكَ حالَ طُلُوعِ الشَّمسِ فَسَمَّوهُ واوَ الحالِ. وقد غَفَلُوا عَنْ أنَّ قَولكَ حالَ طلوعِ الشَّمسِ ظرفٌ، لا حَالٌ، وإذا كانَ له واو الصَّرفِ فلا عَلينا أن تكونَ معها واو الظَّرفِ.

تَخمير: النحويون سَهَوا في واوين، أحدُهما هذه، والثَّانيةُ واو المَنْصُوبِ بمعنى مَعَ، وذلك أنَّ المنصوبَ بمعنى مَعَ في محلِّ النَّصبِ على


(١) في (ب) يستند.
(٢) هو الإِمام علي بن عيسى أبو الحسن الرّماني النحوي، أحد مشاهير النحاة في القرن الرابع الهجري عاصر أبا سعيد السّيرافي، وأبا علي الفارسي وطبقتهما. ترجمته في (إنباه الرواة: ٢/ ٢٩٤، ومعجم الأدباء: ١٤/ ٧٣) لم أعثر على هذا النّص في كتابه (شرح كتاب سيبويه) مع أنّ نسختي من الكتاب هي نسخة (داماد إبراهيم) وهي نسخة كاملة في مجلدين كبيرين عثرت عليها هناك في صيف عام ١٣٩٧ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>