للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالِ، ألا تَرَى أنَّك إذا قُلْتَ: جاءَ البردُ والطَّيَالِسَةَ فمعناه مقترنًا بالطيالِسَة فلما لم يُمْكِنْ إعرابُ الواوِ، نُقِلَ إعرابُها إلى ما بَعدها، ونظيرُ هذه المسألة "إلَّا"، إذا وَقَعَت صِفَةً نُقِلَ إعرابُها إلى المستثنى، وعكسُها "غيرُ". فالواو ها هُنا في الحقيقةِ للحالِ، لا للمفعولِ مَعَه، كما أنَّ الواوَ في قولِكَ: جئتُ والشَّمسُ طالِعَةٌ للمفعولِ فيهِ، لا للحالِ (١). فخُذهُما شيئين عَليهما سمةٌ مَذْهَبِيَّةٌ. الوُكُنَاتُ: جمعُ وُكنَةٌ. قالَ أبو عمرٍو (٢): الوُكنَةُ والأُكنَةُ -بالضَّمِّ- مَواقِعُ الطَّير حيثُما وَقَعَت، ومنه وَكَنَ الطَّائِرُ بَيْضَهُ وَكْنًا، أي: حَضَنَهُ، وَتَوَكَّنَ أي تَمَكَّنَ أي حضن، وكأنَّه من مقلوبِ الكَوْنِ، لأنَّ الكَونَ الاستقرارُ، وعليه قالوا: قد تَكَوَّنَ في منزِلِهِ، أي (٣): استَقَرَّ.

قالَ جارُ اللهِ: "فصلٌ، ومن انتصابِ الحالِ بعاملٍ مضمرٍ قولهم للمرتَحِلِ راشدًا مَهدِيًّا، ومُصَاحِبًا مُعانًا، بإضمارِ: اذهب، وللقادِمِ من الحَجِّ مَأجورًا مَبرورًا أي رَجَعْتَ، وإن أنشدَ شِعرًا، أو حَدَّثتَ حديثًا قلت: صادقًا بإضمار قلتَ، وإذا (٤) رأيتَ من يَتَعَرَّضَ لأمرٍ قلتَ: متعرضًا لِعَنَنٍ لم يُعنه أي دنا منه متعرضًا.

قال المشرّح: على هَذا تَقديرُ حَذفِ المُضافِ، أي: لذِي عَنَنٍ،


(١) نقل الأندلسي في شرحه: ١/ ٢٦٣ شرح هذا الموضع كله مع تصرف في النّص، وعلق عليه بقوله: قلت: أما قوله في واو الحال أنها للظرف فقد ذكرنا من كلام الجرجاني قبل ما يزيل الخيال الذي وقع له، وأما قوله في واو المفعول معه إنها للحال فهو منه [سهو] وذلك أن النصب قد ظهر في الاسم بعد الواو، فإما أن يكون على ما قال الجماعة، أو على الحال، والثاني باطل، لأنه معرفة، والحال لا يكون إلّا نكرة، ثم واو الحال لا يحتاج إليها في المفرد، إنما احتيج إليها في الجملة، لثبوت غير الضمير ولأنّ واو الحال تقدر بإذ، وهذه بمع فأيّ جامع بينهما؟!.
(٢) لعلّه الشيباني، وهو إسحاق بن مرار. (إنباه الرواة: ١/ ٢٢١، معجم الأدباء: ٦/ ٧٧) والنّص في كتاب الجيم: ٣/ ٢٩٥.
(٣) في (أ) واستقرّ.
(٤) في (أ) وإن …

<<  <  ج: ص:  >  >>