للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعَنَنُ: من عَنَّ، كالعَرَضِ من عَرَض، ويَجوزُ أن تَكونَ صِفةً كالحَسَنِ، عَنَاهُ الأمرُ، أي أَهَمَّهُ.

قَالَ جارُ اللهِ: "ومنه أَخَذْتُهُ بدرهَمٍ فَصاعِدًا، أو بِدِرهَمٍ فَزَائِدًا، أي: فَذَهَبَ الثَّمنُ صاعِدًا، أو زَائِدًا.

قالَ المشرّحُ: كذا قالَ النَّحوِيون. وعِندي (١) أنَّ الكَلامَ أنَّكَ أشرتَ إلى عِدل مَتاعٍ، وَقَعَ سِعرُ أوَّلِ ثَوبٍ مِنْهُ بِدِرْهَمٍ، ثُمَّ غَلَا السِّعرُ فزاد على الدّرهَمِ، فيكونُ التَّقديرُ: أَخذتُه بدرهَمٍ فَذَهَبَ الثَّمنُ صاعِدًا، فَنَصَبَ صَاعِدًا على الحالِ، والعاملُ فيها ذَهَبَ.

فإن سألتَ: فهل يَجوزُ أن تَجعلَ بَدَلَ الفاءِ الواوَ كما تَقُولُ: أَخذته بِدرهَمٍ وزِيادةٍ أجبتُ: لا يَجُوزُ، لأنَّ قولَهم أخذتُه بدرهَمٍ وزيادةٍ إخبارٌ عن شيءٍ واحدٍ وَقَعَ، ثَمَنَهُ الدِّرهَمُ مع الزِّيادةِ، وأمَّا (١) أَخذتُه بدرهَمٍ فَصاعِدًا فَلَستَ تُريدُ أن تَجْعَلَ صاعِدًا مع الدِّرهَمِ ثَمَنًا لشيءٍ واحدٍ وقعَ ثَمَنُهُ الدِّرهَمُ مَعَ الزِّيادةِ، وإنما الدّرهَمُ وَحدَهُ كانَ ثَمَنًا لِبَعْضِ الجُملةِ، ثُمَّ زادَ السِّعرُ، وإذا كانَ كذلك صارَ إدخالُ الواوِ يُبطِلُ هذا المَعنى، ولو جِئتَ بثُمَّ في موضعِ الفاءِ لجازَ، إلَّا أنّ الفاءَ أَحسَنُ، لأنَّ "ثُمَّ" توجِبُ التَّراخي، وليسَ في الأمرِ تَراخٍ فاعرِفهُ تَفْسِيرًا للمسألةِ مَنقولًا عن السَّلفِ.

قالَ جارُ اللهِ: "ومنه أَتَمِيميًّا مَرّةً وَقَيسِيًّا أُخرى؟ كأنَّك قلتَ: أَتَتَحَوَّلُ ومنه قوله تَعالى (٢): {بَلَى قَادِرِينَ} أي نَجْمَعُها قَادِرِينَ (٣) ".

قالَ المشرّحُ: هذا مَثَلٌ في التَّلَوُّنِ. الضَّميرُ المنصوبُ في نَجْمَعُها للعِظَامِ.


(١) نقل الأندلسي في شرحه: ١/ ٢٦٤ شرح هذا الموضع.
(٢) سورة القيامة: آية: ٤.
(٣) في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>