للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ المشرِّحُ: أمَّا ملءُ عَسَلٍ فلِفَسَادِ المَعنى، وذلك أنَّ المِلءَ يَقْتَضِي أن يكونَ مالئًا لما أُضِيفَ إليه، وإنما يكونُ مالئًا لما أُضِيفَ إليه أن لو كان المضافُ إليه قابِلًا للامتلاءِ والمضافُ إليه فيما (١) لو أضيفَ إلى العَسَلِ غَيْرَ قابلٍ له ضرورةَ أنَّ العَسَلَ لا يَمْتَلِئُ. أمَّا مثلُ زُبْدٍ فلتغييرِ المعنى فيه، ألا تَرَى أنَّك إذا قلتَ: "على التَّمرة مثلُها زُبْدًا" فالمعنى على التَّمرةِ زُبْدٌ مماثلٌ للتَّمرَةِ، أي على مِقدارِ التَّمرةِ، بخلافِ قولِكَ: على التَّمرة مثلُ زُبدٍ، فإن المعنى على التَّمرة شيءٌ غيرُ زُبْدٍ، إلَّا أنه مُماثِلٌ للزُّبْدِ. وأمَّا عِشرُو درهمٍ، فإنَّه بمنزلةِ أَحَدَ عَشَرَ دِرهمًا وزِيادة (٢). وَأَحَدَ عَشَرَ لا تُضافُ، فإن سألتَ: فما وَجهُ التَّمامِ في أَحَدَ عَشَرَ درهمًا؟ أجبتُ: وَجهُ التّمامِ فيه أنَّه في (٣) تقدير التَّنوين، بدَلِيلِ أنَّ أصلَه واحدٌ وعشرةٌ دِرهمًا ودَراهِمَ، إلَّا أنَّه أُسقِطَ التَّنوين للاختِصارِ، وكلُّ تَنوينٍ حُذِفَ لا لإِضافةٍ، ولا لدخولِ اللَّامِ فحكمُه مُرادٌ، لأنَّه يَدخُلُ على الكَلِمَةِ ما يُعاقبُهُ (٤).

قالَ جارُ اللَّهِ: "فصلٌ، وتمييزُ المفردِ أكثرُ فيما كانَ مقدارًا، كيلًا كقَفِيزانِ، أو وزنًا كَمِنوان، أو مِساحَةً كموضِعِ كَفٍّ، أو عددًا كعشرون، أو مقياسًا كـ "ملؤُه" و "مِثلُها".

قال المشرّحُ: أصلُ المِساحةِ، من قولهم: مَسَحَ الأرضَ مِساحةً، أي: ذَرَعَهَا.

قالَ جارُ اللَّهِ: "وقَد يَقَعُ فيما ليسَ إياها نحو قولِهِم: ويحه رجلًا، ولله دَرُّه فارسًا، وحَسبُك به ناصِرًا".

قالَ المشرّحُ: فيما ليس إياها، أي: فيما ليس كيلًا، ولا وَزنًا، ولا


(١) في (ب) مما.
(٢) في (ب) بزيادة عشر.
(٣) في (ب).
(٤) شرح هذه الفقرة كله في شرح الأندلسي: ١/ ٢٦٩، ٢٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>