للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِسَاحةً، ولا عَدَدًا، ولا مقياسًا ألا ترى أنَّ قولهم: ويحَه، ليس بكيلٍ، ولا وزنٍ، ولا مِسَاحَةٍ، ولا عَدَدٍ، ولا مِقياس، وكذلك دَرُّهُ، في "للهِ درُّه فارسًا". فإن سألتَ: فما بالُهم قالوا: للهِ دَرُّهُ فارسًا، ولله دَرُّه من فارسٍ وحسبُكَ به ناصِرًا، وحسبُكَ به من ناصرٍ، ولم يُجِيزُوا عِندي عِشرون من درهمٍ، ولا خَمسون من رجلٍ؟ أجبتُ: لأنَّ الأولَ كما يَحْتَمِلُ التمييزَ يَحتملُ الحالَ فَتَدخُلُ عليه "من" لِتُخَلِصَه للتمييزِ بخلافِ الثاني فإنه البَتَّةَ لا يَحْتَمل الحالَ.

قالَ جارُ اللهِ: "فصلٌ، وقد أَبى سِيبويه تقديمَ المُمَيّزِ على عامِلِه، وفرّق أبو العباسِ بين النَّوعين فأجازَ نَفسًا طابَ زيدٌ، ولم يُجِز لي سمنًا منوانِ، وَزَعَمَ أنَّهَ رأيَ المَازِنِيّ وأنشد:

* وما كادَ نَفسًا بالفِرَاقِ تَطِيبُ *"

قالَ المشرّحُ: هو أبو عُثمان المازنيّ أستاذُ المُبَرّد، تلميذ الأخفَشِ، احتجا بأنَّ الفعلَ أقبلُ للتَّصرُّفِ من الإِسمِ. حُجَّةُ سيبَوَيهِ: كَلَامُ العَرَبِ استقراءٌ لا قياسٌ، ولأنَّ المميزَ في هذه الأفعال فاعلٌ من حيثُ المَعنى، فكما أن الفاعلَ لا يجوزُ تقديمُه على نيَّةِ التأخيرِ كذلك هذا، أمَّا البيتُ فالروايةُ "نفسي" على الإِضافةِ. صدر البيت (١):

أَتهجُرُ سَلمى للفراقِ حَبِيبَها … وما كَادَ ..... البيت


(١) يروى هذا البيت للمخبّل السّعدي، ولأعشى همدان، ولقيس بن معاذ. وانظر توحيه إعرابه وشرحه في المنخّل: ٤٦ والخوارزمي: ٢٥ وزين العرب: ١٨ وشرح ابن يعيش: ٢/ ٧٤، والأندلسي: ١/ ٢٧١، والزملكاني: ٢/ ١٠٦، ١٠٧ وانظر المقتضب: ٣/ ٣٧، والأصول: ١/ ٢٧١ وشرح السّيرافي: ١/ ٢٥ والخصائص: ٢/ ٢٨، والإِنصاف: ٤٤٧، والغرة في شرح اللّمع: ٢/ ١٢٨، والبديع في علم العربية لابن الأثير: ٧٧، وتوجيه اللّمع لابن الخباز: ٦٠. والخزانة: ٣/ ٢٣٥. عدّ ابن الأنباري تقديم التمييز على العامل فيه من مسائل الخلاف بين أهل البصرة والكوفة، انظر الإِنصاف: ٨٢٨، وكذلك العكبري في التبيين عن مذاهب =

<<  <  ج: ص:  >  >>