للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ المشرّحُ: خَلا، وعَدا، وما خلا، وما عدا، كما يقعُ في المُوجَبِ تَقَعُ أيضًا في غَيرِ المُوجَبِ. المُستَثنى بليسَ منصوبٌ لا محالةَ ومنه قوله عليه السَّلام على ما رواه أفضُل القُضاة يَعقوبُ بنُ شِيرينَ الجَنْدِيِّ (١): "ما أَحدٌ من أصحابي إلَّا وقد أخذُت عليه لَيس أبا الدَّردَاء"، وفي الحديث (٢): "كُلُّ ما أَنهرَ الدّمَ وأفرى فكُلْ (٣) ليسَ السّنَّ والظُّفرَ فإنَّهما مُدى الحَبَشَةِ". ولا يَكونُ في مَعناه تَقولُ: أَتاني القَومُ لَيسَ زيدًا، وأتَوني لا يكون عَمرًا، والمعنى ليس بعضُهم زيدًا، ولا يَكونُ بَعضُهم عَمرًا (٤). وهذا تَفْسِير البَصريِّين. [وأمّا الكُوفيّون] (٥) فتقديره ليس فعلهم فعلَ زيد وتقديرُ البَصريين أَجود لأنَّه أقلُّ إضمارًا.

تخمير: اعلم أنّ "لَيس" و"لا يكون" وإن أُريدَ بها الاستِثناءُ ففيها ضَميرٌ هو اسمها، ولا يُثَنّى ذلك الضَّميرُ ولا يُجمعُ، ولا يُؤنّثُ، ونظيرُهُما: "كان" إذا أُلغِيَت في نحو قولك: زيدٌ قائمٌ كان، فلا بُدَّ من أن (٦) يكونَ مُقَدَّرٌ لها فاعلًا، ثُم "ليس" ولا يكون، من هذا الكلامِ على مَجرَيَين. أحدُهما: أن يكونَ من كلامٍ غيرِ الأولِ، والثاني (٧): جُملة بعدَ


(١) الجَنْدِيّ: نسبةً إلى جَنْد، وهي كما قال ياقوت الحموي في معجم البلدان: ٢/ ١٦٨ مدينة عظيمة في بلاد تركستان. وهي بفتح الجيم وسكون النون وكسر الدال ثم ياء مشددة. وشيرين: بالشين المنقوطة. لم أعثر له على ترجمة إلّا ما ذكره ياقوت الحموي في معجم البلدان لما ذكر "جَنْد" قال: وإليها ينسب القاضي الأديب العالم الشاعر المنشئ النحوي يعقوب بن شيرين الجندي. كان من أجلّ من قرأ علي أبي القاسم الزّمخشري، أقام بخوارزم. وقد ذكرته في كتاب النحويين لعله يقصد: معجم الأدباء، وقد رجعت إلى معجم الأدباء فوجدته قد ترجم لرجل آخر اسمه يعقوب وهو من تلاميذ جار الله الزمخشري انظر: معجم الأدباء: ٢٠/ ٥٥ إلّا أنه ليس صاحبنا الجَنْدِيّ هذا، والله أعلم.
(٢) في صحيح البخاري: ٧/ ١٢٠ طبع محمد على صبيح عن رافع بن خديج رضي الله عنه.
(٣) في (ب).
(٤) في (أ) زيدًا.
(٥) في (ب).
(٦) في (ب) يقدر فاعلًا.
(٧) في (أ) وقد يأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>