للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسم "لا" النافية للجنس بمنزلةِ "من" الاستغراقيّة، بخلافِ قولِك: لا رَجُلٌ في الدارِ -بالرَّفعِ- لأَنَّ معناه الجنس الثاني وهو بعضُ هذا الجنسِ واحدًا كانَ أو أكثر، فقولك هل رجلٌ في الدَّارِ معناه هل بعض هذا الجِنسِ في الدَّارِ فإن قِيلَ لا رجلَ في الدَّارِ فمعناه لا بعضُ هذا الجنسِ في الدّارِ، وهذا وإن كان يَقتضي استغراقَ الجنسِ نفيًا لكن لا من حَيثُ اللَّفظُ بل من حيثُ الصُورةُ (١) نَفَى البَعض لأنّا متى نَفَينا بعضَ هذا الجِنسِ عن كونِهِ في الدارِ لزَم أن لا يكون فردٌ من أفرادِ هذا الجنسِ في الدَّارِ إذ لو كانَ فردٌ من أفرادِ هذا الجنسِ في الدارِ لزمَ أن يكونَ بعضُ هذا الجنسِ في الدّارِ، وقد حَكَمنا بأنّه ليس فيها فيكون مُتَدَافعًا.

وأما قَولُ النّحويين بأنَّ قولَنا: لا رَجُلٌ في الدّارِ بالرّفع نفيٌ لرجلٍ واحدٍ وقولنا: لا رَجُلَ في الدّارِ نفيُ الجنسِ فشيءٌ مُضحِكٌ (٢) يُضحَكُ منه ثم يُبكَى من عقولِ النَّحويين ألا تَرى أنَّ قولنا: لا رَجُلٌ أفضلَ مِنك مدحٌ وأيّ مدحٍ ولو كان المرادُ به واحدًا (٣) لكان من أقبحِ ما يكون من الذَّم، بَلى يمكنُ أن يُقال على المجازِ لا رجلٌ في الدّارِ بل رجلان ولكنَّ ذلك لقرينةِ بل رَجُلانِ ويكون قولنا لا رجلٌ في الدار قابلًا للتخصيصِ لأنّه عامٌّ، والعُمُومِيَّاتُ قابلةٌ للتَّخصيصِ لأنَّ هذا الكلام في الأصلِ عامٌّ قبلَ تضمُّنِه معنى "من" الاستغراقيّة [فلما ضُمِّنَ [معنى] "من" الاستغراقية] (٤) لم يبقَ قابلًا للتخصيصِ ضَرورَة أنَّه تأكيدُ عُمومٍ النّفيِ (٥) بهذا التَّضمُّن فلم يبقَ قابلًا لفَسخِ مَعنى العُمُومِ.


(١) في (أ) الصورة.
(٢) في (أ).
(٣) في (ب) الواحد.
(٤) في (أ).
(٥) بعد أن نقل الأندلسي هذا النّص من أول هذه الفقرة كما أشرنا سابقًا قال: قلت: أجمع علماء العربية على أنّ قولك: لا رجل في الدار غير عام بدليل حسن العطف لا رجل بل رجلان أو =

<<  <  ج: ص:  >  >>