للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبا (١) لك، ولا أبٌ لَكَ فَرَّقوا بينَهما معنى، كما فَرَّقوا بينَهُما صُورةً، فَجَعَلوا المُعَرَب للدُّعاءِ، والمبنيَّ لمجرّدِ الخَبَرِ. وما نَقَلتُةُ عن خَطِّ شَيخِنا "لا أبا لك" كلمةٌ فيها جَفَاءٌ تُسْتَعْمَلُ عندَ الحَثِّ على أَخذِ الحَقّ والإِغرَاءِ، ورُبَّمَا استَعْمَلَها الجُفَاةُ من الأعرابِ عِندَ المَسأَلَةِ والطَّلَبِ فَيَقولُ القائِلُ للأميرِ والخَلِيفَةِ انظرُ في أَمرِ رَعِيَّتِكَ لا أَبا لَكَ فقولهم لا أبا لَكَ بِمَنْزِلةِ فَقَدْتَ أَبَاك، وقَولُهم لا أبٌ لكَ معناه ليس لك أبٌ، يقول [الشيخُ (٢)] كما أنَّ الملامحَ في جمعِ لَمْحَةٍ والمَذَاكِيرَ في جمعِ ذَكَرٍ شاذٌّ فكذلك سقُوطُ النون في لا غُلامي لكَ، ولا ناصِرَي لك، فكما أنَّ انتصابَ "غدوةَ" في "لَدُن غدوةَ" شاذٌّ، فكذلك ما نَحنُ فيه، وهُم يَقْصِدون في قولهم: لا أبا لك ولا ناصري لَكَ الإِضافةَ ولذلك ثبتت الألفُ في ذلك، وسقطت النّون في هذا، وأَمَّا اللَّامُ الفاصِلةُ بينَ المضافِ والمضافِ إليه فإنَّما زيدت توكيدًا للإِضافة، لأنَّ الإِضافةَ لا تُنافي اللَّام، إذ الإِضافة ها هنا بمعنى اللَّامِ، ألا تَرَى أنَّه (٣) إذا كانَ الفاصِلُ سِوى اللَّامِ نحو: "في" و"على" و"مِن" فإنَّه لا يجوزُ، طلبًا للتنكير في اسم لا النافية للجِنسِ، وذلك لأنَّ هذه اللام وإن كانت توكِّدُ مَعنى الإِضافةِ، إلَّا أنَّها تَفصِلُ بينَ المُضافِ والمضافِ إليه من حيثُ الصُّورةُ، فيحصُلُ التَّنكِيرُ.

قالَ جارُ اللَّه: "وَقَد شُبِّهت في أنَّها مَزِيدةٌ ومُؤكَّدَةٌ بتَيْمَ الثاني في:

* يا تَيْمَ تَيْمَ عَدِيٍّ (٤) … " *

قال المشرّح: يُريدُ أنَّ هذه اللَّام مع (٥) الإِضافة شيئان بمعنى واحدٍ تَرادفا قبل المُضافِ إليه، كما أنَّ التّيْمَينِ شيئان بمعنًى واحدٍ ترادفا قبل


(١) في (أ) أب.
(٢) في شرح الأندلسي: ١/ ٣٠٥: قال الخوارزمي: يقول الشيخ كما أنّ الملامح …
(٣) في (ب) أنّك وقد كتبتا معًا.
(٤) تقدم ذكره.
(٥) في (ب) معنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>