للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرى أنَّ قائمًا من حيثُ أنَّه اسمٌ دَخَلَه التَّنوين، ومن حَيْثُ أنَّه بمنزلةِ الفِعْلِ فَرفعتُهُ بمنزلةِ رَفعةِ المُضارِعِ تمامُ البيت (١):

* بَيضاءُ قد مَتَّعتُها بِطَلاقِ *

قال جار اللَّه: "اللَّهم إلَّا إِذا شُهِر المُضاف بمغايرةِ المضافِ إليه كقوله تعالى (٢): {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} أو المماثلة".

قال المشرّح: في هذا الكلام نَظَرٌ، بيانُه: اعلم أنَّ غيرًا له ثلاثةُ مواقعَ:

أحدُهما: أن تقعَ مَوْقِعًا لا يكونُ له فيه إِلَّا نكرةً، وذلك إِذا أُريدَ به النَّفيُ السَّاذج نحو: مررتُ برجلٍ غيرِ زيدٍ، تريدُ أنَّ الممرُور بِه ليس بهذا الثاني.

الثاني: أن تقعَ موقِعًا لا تكونُ فيه إلَّا مَعْرفَةً، وذلك إِذا أُريد به شيءٌ قد عُرفَ بمضادَّةِ المُضاف إليه في معنى لا يُضَادُّه فيه إلَّا هو كما إذا قُلْتَ: مررتُ بغيرِك، أي المعروفُ بمضادتَك، إلَّا أنَّه في هذا الوجهِ لا يَحسُنُ أن يُجرى صفةً، لو قلتَ: مررتُ بزيدٍ غيرِك لم يَكَد يَصحُّ، إنَّما الواجِبُ أن تقولَ مررتُ بغيرِك فتذكيره (٣) غيرُ جارٍ على الموصوفِ، وأمَّا قولهم: عَليك بالحركةِ غيرِ السكونِ فكلامٌ فيه استكراهٌ، وهذا لأنَّ غيرًا في هذا الوجه


(١) البيت لأبي محجن الثّقفي، ولا يوجد في ديوان شعره، وقال الأسود الغْندَجَانِيّ في "فرُحة الأديب" ورقة: ٤٩، وهو لغيلان بن سلمة الثقفي، وهو شاعر جاهلي أسلم يوم الطائف. وأبو محجن الثقفي: شاعر فارس مخضرم، اشترك في القادسية، وتوفي بجرجان سنة ٣٠ هـ. ترجمته في الإِصابة: ٤/ ١٧٣، والشعر والشعراء: ١/ ٤٢٣: والخزانة: ٣/ ٥٥٣.
توجيه إعرابه وشرحه في المنخّل. ٦٠، والخوارزمي: ٣٤، وزين العرب: ٢٢، وشرح ابن يعيش: ٢/ ١٢٦، والزملكاني: ٢/ ١٤٨. والبيت من شواهد كتاب سيبويه: ١/ ٢١٢، ٣٥٠، وشرح أبياته لابن خلف: ١/ ١٦٧ وشرحها لابن السيرافي: ١/ ٥٤٠، وشرحها للكوفي: ١٣٦، ٢٠١. وانظر المقتضب: ٤/ ٢٨٩.
(٢) سورة الفاتحة: آية: ٧.
(٣) في (ب) فتذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>