للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعِش لِيَدٍ تُولي ومُلكٍ تَحُوطُهُ … ونَائِبَةٍ تَكفي ونَعْمَى تُنِيلُها

وهَذَا كلُّه تَكْريرٌ، لكنَّ هذا التَّكريرَ بَدَلٌ لا تَاْكِيدٌ، بدليلِ أنَّه قد ذُكِرَ في بابِ النِّداءِ لأنَّ قولكَ: يا زَيدٌ زَيدُ بَدَلٌ، وقولكَ: يا زيدُ زيدُ معناه يا زَيْدُ يا زَيْدُ، لأنَّ البَدَلَ في حكمِ تَكْرِيرِ العامِلِ، فيكونُ قولُه: يا مُرَّةُ يا مُرَّةُ (١) بدلًا أيضًا.

قالَ جارُ اللهِ: "فصلٌ: وجَدوى التَّأكيدِ: أنَّك إذا كَرَّرتَ فقد قررتَ المُؤكِّدَ، وما عَلِقَ به نَفْسُ السَّامِعِ، ومكَّنتَهُ في قَلبِهِ، وأمطتَ شُبهَةً ربّما خالَجتُه (٢)، أو توهَّمتَ غَفلةً وذَهابًا عمَّا أنت بِصَدَدِهِ فأزلتَه، وكذلك إذا جِئتَ بالنَّفسِ والعَينِ، فإنَّ لظانٍّ أن يَظُنَّ حينَ قلتَ: فَعَلَ زَيدٌ أنَّ إسنادَ الفِعلِ إليه تَجَوُّزٌ أو سَهوٌ أو نِسيانٌ".

قالَ المُشَرِّحُ: التَّأكيدُ: لدَفْعِ التُّهْمَةِ (٣)، أَلا تَرى أنَّك إذا قُلتَ: "جاءَني الخَلِيفَةُ" خِفتَ أن يَتَّهمَك السَّامِعُ بأنْ بالغتَ أو سهوتَ، أو نَسيتَ أو كَذبتَ فأَتبعتَهُ بقولك "نَفْسُهُ" دَفعًا لِهذه التُّهمةِ، الضَّميرُ "به" في قولِكَ: وما عَلِقَ به للمؤكَّدِ وتوهَّمتَ (٤) مَعطوفًا على قَوْلِهِ: فقد قرَّرت، "الفاء" في قوله (٥): فأزلتَه: للتَّعقيبِ.

قالَ جارُ اللهِ: "وكلُّ وأَجمعون يُجديان الشّمولَ والإِحاطةَ".

قالَ المُشَرِّحُ: اِعلمَ أنّ "كلًّا" (٦) و"أجمعين" وإن كانا يُجريانِ الشُّمولَ، لكن بينهما فرقٌ، اعتَبِره بقولِهِ تَعَالى: {فَسَجَدَ الملائكةُ كلُّهم


(١) في (أ) يا مرّ يا مرّ.
(٢) في (ب) خالجت.
(٣) في (ب) يدفع التهم.
(٤) في (ب) أو.
(٥) في (أ) فقط.
(٦) في (أ) كلّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>