للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموصوفُ لا يخلو من أَن يكونَ من قَبيلِ ما يَجري فيه الفَكُّ كالمُعَرَّفِ باللَّامِ، أو لا يكونُ كالعَلَمِ، فلئِن كان تَعَذَّرَ وُقُوعُ المُضْمَرِ صِفَةً، لأنَّ المَوصوفَ إذا كانَ من قبيلِ ما يَجري فيه الفَكُّ فالصِّفةُ يَجِبُ أن تكونَ كذلك، لِمَا يَأتي في الأصلِ الثَّاني من هذا الفَصلِ، والمُضمرُ مما لا يَجري فيه الفَكُّ فلا يَقَعُ صِفَةً له، وإن لم يكنْ لَزِمَ أن يكونَ المُضمَرُ إمَّا مُفرَدًا وإمَّا مُتَعَدّدًا، وكلا الأمرين فيه مُمتَنِعٌ.

أمَّا بيانُ المقدِّمة الأُولى: فلِمَا قَرَّرناه.

وأمَّا بَيانُ المُقَدِّمةِ الثَّانِيَةِ: فلأنَّك إذا قُلتَ: جاءَني زَيدٌ، فقبلَ أن تَقولَ "هو" فكأنَّك قيلَ لك: أيُّ زَيدٍ جاءَك؟ ومعناه: الزَّيدُ الذي هو هذا جاءَك، أم الزَّيدُ الذي هو غَيْرُهُ وهذا مُحالٌ، ضَرورةَ أنَّ الضَميرَ المَرفوعَ لا يَقَعُ مُضافًا إليه، إذ مَعناهُ: الزَّيدُ الذي هُوَ هُوَ، أم الزَّيدُ الذي هُوَ هُوَ أم الزّيدُ الذي هُوَ هُوَ حَسبَ ما تقولُ في اسمِ الإِشارةِ، وهذا أيضًا مُحالٌ، ضَرورةَ أنَّ اسمَ الإِشارةِ لا يَتَعَدَّدُ.

قالَ جارُ اللهِ: "والعَلَمُ مثلُهُ في أنَّه لا يُوصَفُ به ويُوصَفُ بثلاثةٍ: بالمعرِّفِ باللَّام، وبالمضافِ إلى المَعرفةِ، وبالمُبْهَمِ (١)، كقولِكَ: مررتُ بزيدٍ الكريمِ، وبزيدٍ صاحبِ عمرٍو، وصَديقِك، وراكبِ الأدهمِ، وبزيدٍ هَذا".

قالَ المُشَرِّحُ: - إنَّما لا يُوصَفُ بالعَلَمِ لأنَّه غيرُ جارٍ. فإن سألتَ: فما تقولُ في مررتُ بالرَّجُلِ زَيدٍ؟ أجبتُ ذلك ليسَ بصفَةٍ إنَّما هو عَطفُ بيانٍ، والدَّليلُ عليه أنَّه غيرُ جارٍ إذ لو كانَ جاريًا لجازَ إعمالهُ عَمَلَ الفِعلِ ولا يَجوزُ. ويُوصَفُ العَلَمُ بما سِوى المُضمَرِ، بالمُعرَّف باللَّام وهو الكثيرُ الذي حَلا طَعْمُهُ، وسَاغَ (٢) مَذَاقُه؛ وذلك مررتُ بِزيدٍ الكَريمِ، وبالمُضافِ سَواءٌ


(١) في (أ) فقط تقدم المبهم على المضاف إلى المعرفة.
(٢) في (أ) سيغ.

<<  <  ج: ص:  >  >>