للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِفرادِ. قالَ (١) سيبويه عَقيبَ ذكرِهِ أمثلةَ البَدَلِ: أرادَ رأيتُ أكثرَ قومِك، وثلثي قَومِك، وصَرَفْتَ وُجُوهَ أوَّلِها، ولَكِنّه ثَنَّى الاسمَ تَوْكِيدًا" (٢).

قالَ المشرِّحُ: المقصودُ في بابِ البَدَلِ هو الثَّانِي، أمَّا في بابِ بَدَلِ المثلِ فلأنَّ الأوَّل [قد اشتَمَلَ علىَ ما اشتَمَلَ] (٣) عليه الثَّاني، لكنْ لا بُدَّ من أن يكونَ في الثَّاني فَضلُ [تبيينٍ لا يكونُ في الأوَّلِ] (٤)، فيكونْ أدخَلَ (٥) في القَصدِ، لأنَّه أكثرُ إفضاءً (٦) إلى الغَرَضِ، وأمَّا في صِنْفَي الاشتِمَالِ فظاهرٌ كونُ الثَّاني مَقصودًا، وأمَّا في بَدَلِ الغَلَطِ فأظهرُ منه، والبَدَلُ للتَّشييدِ بعدَ (٧) التَّمهيدِ.

قال جارُ اللهِ: "وقولُهم: إنَّه في حكمِ تَنْحِيةِ الأوَّلِ إيذانٌ مِنهم باستقلالِهِ بنَفْسِهِ، ومفارقَتِهِ للتَّوكيدِ والصِّفَةِ في كونِهِما تَتِمَّتَيْنِ لما يَتْبَعَانِهِ، لا أَنّ يعنوا إهدارِ الأوَّلِ وطرحَه، أَلَا تَرَاكَ تَقُولُ: زَيدٌ رأيتُ غلامَه رَجُلًا صالِحًا؟ فلو ذَهَبتَ تُهْدِرُ الأوَّلَ لم يَسُدَّ كَلَامُكَ".

قَالَ المُشَرِّحُ: اِعلم (٨) أنَّ شَيْخَنَا -رَضِيَ الله (٩) عَنه- مما لا يُجرِي قولَهم: البَدَلُ في حكمِ تَنْحِيَةِ المُبدَلِ على حَقِيقَتِهِ، بل يُؤوِّلُهُ فيقولُ: المُرادُ بِهَذِهِ الكَلِمَةِ أنَّ البَدَلَ لَيس كالصِّفَةِ والتَّأكيدِ في كونِهِما تَتِمَّيَنِ


(١) الكتاب: ١/ ٧٥، وانظر شرح الصّفار: ١/ ورقة ١٨٥، والأصول: ٢/ ٤٧.
(٢) في (ب) فقط مؤكدًا.
(٣) من (ب).
(٤) من (ب).
(٥) في (ب) الرّجل.
(٦) في (أ) اقتضاء.
(٧) في (ب) فقط يفد.
(٨) نقل الأندلسيُّ في المحصّل: ٢/ ورقة ١٤، ١٥. شرح هذه الفقرة مع حذف كثير من عبارات المؤلف. وقد أجاد في عرض أقوال العلماء في قول النّحاة: البدل في حكم تنحية المبدلِ فذكر رأي ابن جني، والثّمانيني، وابن برهان، وأبي البقاء العكبري والخوارزمي، والجرجاني ثم قال: فالقول المرضي في هذه المسألة ما قاله الجرجاني في حواشي الإِيضاح ....
(٩) الترضي في (ب) فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>