للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للأوَّلِ (١)، إنَّما هو المَقصُودُ في هذا البَابِ لا أَن يُرِيدُوا إهدارَ الأوَّلِ وطرحَه (٢)، بدليلِ أنَّك تَقولُ: زَيدٌ رأيتُ غُلامَهُ رَجُلًا صالِحًا، فيكونُ "رَجُلًا" بدلًا من "غُلامه"، ثم لا يُمكِنُ طَرحُ "غُلامه" ها هُنا أَلَا تَرى أنَّك لو قُلتَ: زَيدٌ رَأَيْتُ رَجُلًا صالِحًا، لم يَرْتَبطُ آخرُ الكلامِ (٣) بأوَّلِهِ، وهذا كَلَامٌ قد باضَ (٤) فيه الفَسَادُ وعشَّشَ، وذلكَ أنَّ رَجُلًا صالِحًا ها هنا منصوبٌ على أنَّه مَفعولٌ ثانٍ لرأيتُ، و"غلامَه" منصوبٌ على أنَّه مَفعولٌ أولُ لَهُ [فإن سألتَ: فَما تقولُ في زَيدٍ أَدركتُ غُلامَه رَجُلًا صالِحًا؟ أجبَتُ] (٥): هو مَنصوبٌ على الحالِ، فإن سَأَلتَ: لو (٦) كانَ ذلك الكلامُ مُجرىً على حَقِيقَتِهِ لجازَ مررتُ بِرَجُلٍ قائِمٍ رَجُلٍ آخر، ولما (٧) جازَ رأيتُ زيدًا إيّاه، كما لا يَجوزُ رأيتُ إيّاه، وَلَمَا جازَ زيدٌ ضَربتُهُ أخاكَ، كما لا يجوزُ زيدٌ ضَربتُ أخاك؟ أَجَبتُ: أمَّا الأوَّلُ فإنَّما لا يَجوزُ لأنَّه لا يَتَمَيَّزُ فيه الأوَّل، وكذلك لو قلتَ: زَيدٌ ضَربتُ أخاكَ إيّاه لجازَ، وأمَّا الثَّاني فهو وإن كانَ بَدَلًا من حَيثُ الصُّورة فهو تَأكيدٌ من حَيثُ المعنى ألا تَرى أنَّ معناه رَأيتُ زيدًا نَفْسَهُ، فإن سَألتَ إيَّاهُ باتفاقِ النَّحويين لَيست من ألفاظِ التَّأكيد؟ أَجبتُ: نَعم لكِنْ لمَّا سدَّ مَسَدَّ التَّأكيدِ أُجرى مُجراه، ومن ثَمَّةَ قالَ ابن السّرّاجِ (٨) في قولِكَ ضَربتُ قَومَك صَغِيرَهُم وكَبِيرَهُم بأنَّه على البدَلِ والتأكيدِ (٩)، وإن لم يكن صَغِيرُهم (١٠) وكَبيرُهم من ألفاظ التَّأكيدِ، أمَّا الثَّالثُ فالمَعنِيّ بقولنا البَدَلُ في


(١) في (أ) للأولى.
(٢) في (ب) واطراحه.
(٣) في (ب) كلامه.
(٤) في (ب) وكن.
(٥) في (أ) فقط.
(٦) في (ب) لم.
(٧) في (أ) أو لما.
(٨) الأصول: ٢/ ٥٥.
(٩) في (ب) فقط وعلى التأكيد، وفي الأصول: على البدل والتأكيد جميعًا.
(١٠) في (ب) كبيرهم وصغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>