للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكمِ تَنحِيَةِ المُبدلِ أنَّ المُبدَلَ يَجُوزُ تَنحيتُهُ إمَّا حَقيقةً، وإمَّا حُكمًا (١) وتقديرًا، أمَّا حقيقةً ففي نحوِ: لم يَقعُدُوا إلَّا زَيدٌ. وأمَّا تَقدِيرًا فَفي نحو ما ذكرتُه، وذلِكَ أنَّ كونَ (٢) الكَلَامِ الَّذي وَقَعَ فيه المُبدَلُ جُزءًا مِن كَلامٍ آخَرٍ أمرٌ عارضٌ، والعارِضُ بمنزلةِ العَدَمِ، إذ لا يُعتَدُّ به فكانَ البَدَلُ فيه في حُكم تَنحِيَةِ المُبدَلِ حُكْمًا. ثُمَّ الذي يَشْهَدُ بكونِ البَدَلِ في حُكمِ تَنحيةِ المُبدَلِ حَقيقةً لَفظُ ابنِ السّراجِ المُبدَلُ (٣) منه بمنزلةِ ما لَيس من الكَلَامِ.

قالَ جارُ اللهِ: "فصلٌ؛ والذي يَدُلُّ على كَونِهِ مُستَقِلًّا بنفسِهِ أنَّه في حُكمِ تَكريرِ العَاملِ بَدليلِ مَجيءِ ذَلكَ صَريحًا في قَوله عَزَّ وجَلّ (٤): {لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} (٥) وقوله (٦) {لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} وهذا البَدَلُ (٧) من بَدَلِ الاشتمالِ".

قالَ المُشَرِّحُ: تكريرُ العاملِ يِدلّ على أنَّ البَدَلَ في حكمِ تَنحِيَةِ المُبدلِ لأنَّه استئِنافٌ للتَّعليقِ بالثّاني لما علّقَ بالأوّل، فيكونُ البَدَلُ مُتَعَلِّقًا بالشَّيءِ السَّابِقِ، حَسبَ ما تعلَّقَ به المُبدَلُ، ولا نَعني بكونِ البَدَلِ في حُكمِ تَنحيةِ المُبدلِ سِوى هذا القَدرِ، مثالُه: رَجُلٌ تَوَسَّلَ إلى الأميرِ برَجُلٍ فإنّه لا يكونُ المُتَوَسِّلُ في حكمِ تَنحِيَةِ المُتَوَسَّل به أمَّا إذا ثَبَتَ للمُتَوَسِّل عَينُ القرابةِ (٨) التي هي ثابِتَةٌ للمُتَوسَّلِ بِهِ، فقد صارَ المُتَوَسِّلُ في حُكمِ تَنحيةِ المُتوسَّلِ به.


(١) في (أ).
(٢) في (أ) يكون.
(٣) في (أ) البدل.
(٤) في (أ) فقط وعلا.
(٥) سورة الأعراف: آية: ٧٥.
(٦) سورة الزخرف: آية: ٣٣.
(٧) في (أ) فقط.
(٨) في (أ) القربة.

<<  <  ج: ص:  >  >>