للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ جارُ اللهِ: "وليسَ بمشروطٍ أن يَتَطابَقَ البَدَلُ والمُبدَلُ منه تَعريفًا وتَنكيرًا بل لَكَ أنَّ تُبدِلَ أيَّ النَّوعين شِئتَ من الآخرِ، قالَ الله تَعالى (١): {صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ} (٢)، وقالَ (٣): {بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ} خَلا أنَّه لا يَحسُنُ إبدالُ النَّكِرَةِ من المَعرِفَةِ إلّا مَوصُوفَة كَنَاصيةٍ".

قالَ المُشَرّحُ: هذا بِنَاءً على أنَّ البَدَلَ فيه فَضلُ تَبيينٍ لا يكونُ في الأوّلِ.

قالَ جارُ اللهِ: "فَصلٌ؛ ويُبدَلُ المُظهَرُ من المُضمَر الغائبِ دونَ المُتَكَلّمِ والمُخاطَبِ تقولُ: رأيتُهُ زَيدًا، ومَرَرتُ به زَيدٍ، وصَرَفْتُ وُجُوهَها أوَّلِها، ولا تقولُ: بِيَ المِسكينِ كانَ الأمرُ، ولا عَليك الكريمِ (٤) المُعوَّلُ".

قالَ المُشَرِّحُ: المُبدَلُ للتَّدرج (٥) منه إلى البَدَلِ، وإنَّما يُتَدرَّجُ منه إليه إن لو لم يَكن بَينهما تَنافرٌ، والشّيئان متى اختَلَفا بالغَيبَةِ والخِطابِ، أو بالغَيبَةِ والحِكايةِ فَقَد تَنافَرا فإن سَألتَ فما تَقُولُ في قَولِهِ (٦):

وَيعْلَمُ أنَّ سَيَلقَاه كِلَانَا

فإنَّه أبدَلَ فيه المُظهَرَ وهو غائِبٌ من ضَميرِ الحِكايةِ، وقولُه تَعالى (٧): {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ} فقد أَبدَلَ


(١) سورة الشورى: آية ٥٢، ٥٣.
(٢) (الذي له) ساقطة من المفصّل.
(٣) سورة العلق: آية: ١٦.
(٤) في (ب) فقط كان المعوّل.
(٥) في (أ) للتّدرج.
(٦) صدره:
فإنَّ اللهَ يَعْلَمُنِي وَوَهْبًا
وهو للنمر بن تولب، انظر ديوان شعره جمع الدكتور نوري حمّودي القيسي: ١٢٢، وقد تقدم ذكره في باب الإضافة فانظره هناك.
(٧) سورة الأحزاب: آية: ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>