للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ المُشَرِّحُ: المُنفَصِلُ من الضَّميرِ يُعطَفُ ويُعطَفُ عليه، ألا تَرَى أنَّ قولَكَ: جاءَني زيدٌ وأنت قد عُطفَ فيه الضَّميرُ المنفَصِلُ المرفوعُ، أعني أنتَ على المُظهرِ [وهو زيدٌ، وكذلكَ: دَعوتُ عَمرًا وإيَّاك قَد عُطِفَ فيه الضَّميرُ المَنصوبُ وهو إيَّاك، على] (١) المُظهَرِ، أعني عَمرًا، وأمَّا مُتَّصِلهُ، فالبتّةَ لا يكونُ معطوفًا لِعَدَم الإِمكانِ، ولكنه يُعطفُ عليه بِشرطٍ، وذلك أنَّ يُؤكَّدَ بالمنفَصِلِ تَقولُ: ذَهبتَ أنَت وزَيدٌ، فزَيدٌ إنّما جَازَ عَطفُه على الضَّميرِ في ذَهبتَ لأنَّه تأكّدُ ذلك بالضَّميرِ المُنفَصِلِ وهو أنت، وهذا لأنَّ الفاعِلَ لا سِيَّما المُضمَرُ منه لِشدّةِ اعتِناقِ الفِعل إيَّاه صارَ بمنزلةِ الجزءِ منه.

ضَمَمتُها ضَمَّةً عُدنا بها جَسَدًا … فلو رَأتنا عُيونٌ ما خَشِينَاهَا (٣)

والجُزءُ من الفِعلِ لا يُعطَفُ عليه الاسمُ، فإذا تَأكَّدَ بالضّميرِ المُنفَصِلِ امتازَ عن الفِعلِ، وذَهَبَ عن كونِهِ جُزءًا، واستَبَدَّ اسمًا، فحينَئِذٍ يُعطَفُ عَليه، ثُمَّ ذلك القُبحُ على مراتبَ، فالأقبحُ العَطفُ على المُستَتِرِ نَحو: اذهبْ وزَيدٌ، والقَبيحُ ذَهبتُ وزَيدٌ وللمائلِ (٤) عن القَبِيحِ قَليلًا: ذَهبا (٥) وزَيدٌ. قوله: ولا يتأتَّى أن يعطف ويُعطَفَ عليه الثَّاني وهو المَعطوفُ بالرَّفعِ.

قالَ جارُ اللَّه (٦): وقَولُ عُمرَ بنِ أبي رَبيعَة:

قُلتُ إذ أقبَلَتْ وزُهرٌ تَهَادَى

من ضَروراتِ الشِّعرِ.

قالَ المُشَرِّحُ: عَطفَ زُهرٍ على الضَّميرِ المُتصِلِ في أقبَلَت من غيرِ


(١) في (ب) فقط.
(٢) من هنا إلى آخر شرح هذه الفقرة نقله الأندلسي في المحصلّ: ٢/ ٢٥.
(٣) البيت لأبي إسحاق الفارسيَّ وهو في أسرار البلاغة ص ١٨٦ وروايته هناك ضممته ..
(٤) في (ب) المسائل.
(٥) في (أ) ذهبنا.
(٦) في (ب) فقط ومنه قول …

<<  <  ج: ص:  >  >>