للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْصَرفُ كما هو مَذهَبُ قَومٍ من بَنِي تَمِيمٍ، ولذلك يَكُونُ عِنْدَهم حَذَامِ غَيْرَ مُنْصرفٍ، وفي أصلِ بنائِهِ وَجْهٌ آخرُ، وهو أن يكونَ بناؤُه لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى لامِ (١) التَّعريفِ، وهذا لأنَّ فَعالِ قد جَاء بمعنى المَصدرِ المَعرفة، أَلَا تَرى أنَّ فَجَارِ عَلَمٌ للفَجْرَةِ كما أنَّ بَرَّةَ عَلَمٌ للمَبَرَّة، فيكون نَزَالِ في الأصلِ معناه النُّزُول فيكونُ بناؤُه لِتَضَمُّنه مَعنى اللَّامِ (٢) المُعَرِّفَةِ، فإن سألتَ: نَزَالِ، وتَرَاكِ لو كانا مُتَضَمِّنَينِ مَعنى اللَّام المُعَرِّفَةِ لما جَازَ تَراكِها، وَمَنَاعِها. كما لا يَجوزُ أن يقالَ: التَّركِها والمَنَاعِها؟ أَجبتُ: فَرقٌ (٣) بَينَ ما فيه اللَّام ظاهِرًا، وبينَ ما فيه مَعنى اللَّام بدليلِ أنَّ العَلَمَ بمنزلةِ المُعَرَّفِ باللَّامِ، وأنَّه يَجوزُ إضافتُه ولا كذلك المُعَرَّفُ، بِدَلِيلِ أنَّه يَجوزُ أن يُقال (٤) زَيدُكم وَعَمرُكم ولا يَجوزُ: الرَّجُلُكُم والأحمرُكم. وهذه العِلِّةُ في بنَاءِ فَجَارِ وفَسَاقِ، وأَمَّا قولهم بُنِيَ فَجَارِ لأنَّه شَابه في الوَزْنِ نَزَالِ، فمن مَكَارِهِ النَّحوِ وهذا (٥) لأنَّه ما من شَيءٍ إلَّا وهو يُشْبِهُ شيئًا ثم لا يُعطى حَقَّه.

قالَ جارُ اللهِ: "أَو وقوعِهِ مَوْقِعَ ما أشْبَهَهُ كالمُنادى المضمُومِ".

قالَ المُشَرِّحُ: النَّحويُّون يقولون إنَّ المفردَ المُنادى المَعرفةَ (٦) بُنِيَ لوقوعِهِ موقِعَ الكَافِ من (أَدعوك)، وهذا لأنَّ قَولَنا: يا زَيْدُ بمنزلةِ أَدعوكَ، فكما أنَّ ذلك الكافَ مَبْنِيٌّ فكذلِكَ زَيدٌ في يا زيدُ، لأنَّه واقعٌ موقِعَه، وَتَحْقِيقُ الكلامِ فيه أنَّ الأسماءَ المُظهَرَةَ كلَّها غَيبٌ لا خِطَابَ فيها ولا حِكايةَ، إنَّما الخِطَابُ والحِكايةُ من خَصَائِصِ المُضْمَرَاتِ، فإذا انجَرَّ إلى المظهَرِ الخِطابُ نُزِّلَ مَنزلَة المُضْمَرِ فُبنِيَ.


(١) في (ب) معنى اللام.
(٢) في (ب) لام التعريف.
(٣) في (ب) فرقا.
(٤) في (ب) أن تقول.
(٥) في (ب).
(٦) في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>