للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَخْميرِ: كَيف يُجْمَعُ بين نصِّ الشَّيخِ -رضي الله عنه (١) - ها هُنا وفتحةِ الميم في {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ} (٢) فإنَّهما دَلَّا على جَوَازِ البِناءِ، ولفظُ الإِمام عبدِ القاهِرِ الجُرجاني وكذلك الحُكمُ إذا كانَ الفِعلُ مُضارِعًا كقولِهِ: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} (٣) و {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا} (٤) من فتح (٥) في هذا لم تَكن الفَتحةُ حَرَكَةَ بِناءٍ ولكنْ حَرَكةُ إعرابٍ، ويكونُ مَنصوبًا على الظَّرفِ، فإنه يَدُلُّ على أنَّ الفَتحةَ في {يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ} إعرابيَّةٌ لا بِنائيَّةٌ، لا يُجمع (٦) بينهما لأنَّهما مُتَنَافِيان لكنَّ الصَّوابَ قولُ شَيخِنا لا قولُ الإِمامِ، وكفاك دَلِيلًا فتحةُ الميِمِ في {يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ} إذ لو كان مُعربًا لرُفِعَ لأنَّه خَبرُ المبتدأ على أنَّ مثلَ (٧) قوله: "كيومَ وَلَدَتْهُ أُمّه" (٨)، يُحْتَمَلُ أن يكونَ منصوبًا على الظَّرفِ، ومعناه كَخُروجِهِ من ذُنُوِبِهِ كيوم وَلَدَتْهُ اُمُّه، كانَ القياسُ: في "غَيرِ أن نَطَقَت" أن يكونَ مَرفوعًا لأنَّه فاعِلٌ يَمنع، وإنَّما انفَتَحَ (٩) لِئلَّا يُتَوَهَّمَ أنَّ المُضافَ إليه مُنْقَطِعٌ عنه وأنَّه على الغايةِ مَضمومٌ وهذا (١٠) لأنَّ غيرًا مما يُضَمُّ عندَ البَصريّين على الغايةِ كما مَضى، فإن سَألتَ: لم بُنِيَ على الفَتْحِ؟ أَجبتُ: لأنَّ أكثرَ هذا النوعِ من المبنيِّ ظُروفٌ فيها الفَتحةُ الأصليةُ، فصارَ الفَتحُ كهذا النَّوعِ من المَبْنِيّ بمنزلةِ العَلَمِ.


(١) جملة الدعاء في (ب).
(٢) سورة المرسلات: آية: ٣٥.
(٣) سورة المائدة: آية: ١١٩.
(٤) سورة الانفطار: آية: ١٩.
(٥) تقدم تخريج قراءة الفتح قبل قليل.
(٦) في (أ) فجمع.
(٧) في (أ).
(٨) هذا جزء من حديث شريف أورده البخاري في صحيحه: ٢/ ١٦٤ في كتاب الحجّ، باب فضل الحجّ المبرور من رواية أبي هريرة وانظر صحيح مسلم: ٢/ ٩٨٣ بلفظ آخر، وتمام الحديث كما ورد في البخاري: "من حَجَّ ولم يرفُث ولم يَفسُق رَجَعَ كيومَ ولدتُه أمّه".
(٩) في (ب) الفتح.
(١٠) في (أ) وغير.

<<  <  ج: ص:  >  >>