للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما قبلَ البيتِ الثَّاني (١):

فأسبلَ مِنّي عبرةٌ فرددتُها … على النَّحرِ منّي مُسْتَهِلٌّ ودامعُ

على حينَ عاتبتُ (٢) المَشِيبَ على الصِّبا … فقلت ألمَّا تَصحُ والشَّيبُ وازعُ

يقولُ: قد آن لَكَ أن تَصحو، وَيَزولَ عَنك ما كُنْتَ تَجِدُهُ مِمَّن تَهواه فإنَّ الشَّيبَ عن أَمثالِ هذه الأفاعيلِ كافٌّ.

قالَ جارُ اللهِ: "والبناءُ على السّكون هو القِياسُ، والعُدولُ عنه إلى الحركةِ لأحدِ (٣) ثلاثةِ أَسبابٍ؛ للهَرَبِ من التقاءِ السَّاكنين في نحو هؤلاء، ولِئَلَّا يُبتدأ بساكنٍ لَفظًا أو حُكمًا، كَالكافَين التي هي (٤) بِمَعْنَى مثلِ والتي هي ضَميرٌ، ولِعروضِ البِنَاءِ، وذلك في نَحو يا حَكَمُ، ولا رَجُلَ في الدَّار، ومن قبلُ ومن بعدُ، وخَمْسَةَ عَشَرَ".

قالَ المُشَرِّحُ: "هؤلاء" بِنَاؤه، لما ذَكَرنا من الضَّمائِر وأسماءِ الإِشارةِ، وبُنِي على الحَرَكَةِ لالتقاءِ (٥) السَّاكِنين، وعلى الكَسْرِ لما ذَكَرتُهُ في نَزَالِ. كافُ التَّشبيه لم يُبنَ على السُّكون لئلّا يُبدأ بساكنٍ حُكمًا (٦)، وبني على الكَسْرِ لأنَّه أخُو السُّكون، وكافُ الضَّميرِ لم يُبنَ على السُّكون لَئِلَّا يُبْتَدَأَ بساكنٍ حُكمًا، لأنَّه من جُملةِ الأسماءِ. البِناءُ إذا كَانَ عارِضًا لم يَكن على


(١) البيت للنّابغة الذبياني، ديوانه: ٤٤ توجيه إعراب البيت وشرحه في إثبات المحصّل: ٤١ والمنخّل: ٨٣ والخوارزمي: ٥٣ وزين العرب: ٣٠ وشرح الأندلسي: ٢/ ٣٢، وابن يعيش: ٨/ ١٣٦ البيت من شواهد كتاب سيبويه: ١/ ٢٦٩، انظر شرح أبياته لابن السيرافي: ٢/ ٥٣ وشرحها للكوفي: ٨٠، ٢٢٢، ومعاني القرآن للفراء ١/ ٣٢٧، والأصول لابن السراج: ١/ ٣٣٥، والكامل للمبرد: ١/ ١٠٥، وشرح السيرافي: ١/ ٤٨، وأمالي ابن الشجري: ٢/ ٤٦٢، والعيني: ٤/ ٣٥٧، والخزانة: ٣/ ١٥١.
(٢) في (أ) عاينت.
(٣) في (أ) وفي المفصّل (ط) لأجل وهو تحريف.
(٤) في (أ).
(٥) في (ب) هربًا لالتقاء الساكنين.
(٦) في (أ) لفظًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>