للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعطيتُك إيّاه، والانفصالُ فيه قَليلٌ. قالَ ابنُ السَّرّاجِ (١): وأقلُّ العربِ من يقولُ أعطيتُكه (٢)، فإن سألتَ: ألستَ قد ذكرتَ في الفصلِ (٣) المتقدِم أن الضَّميرَ المُتَّصلَ إنّما يُصارُ إليه عندَ تعذُّرِ الوصلِ، وهُنا (٤) ما تعذَّرَ الوصلُ؟. أجبتُ: إنه وإن لم يَتَعَذّرِ الوَصلُ ها هنا صُورةً - فقد تَعَذَّرَ مَعنًى، وذلِكَ أنَّ الضَّميرَ الثاني حَقُّه أن يكونَ مُنفَصِلًا بدليلِ أنَّ الضَّميرَ المُتصلَ المَنصوبَ لا يَتَّصِلُ إلَّا بالفِعلِ ألا تَرى أنَّهم حَمَلُوا قوله (٥):

هُمُ الآمرون الخَيرَ والفاعِلُونَه

على ضرورةِ الشِّعر، وها هُنا يَتَّصِلُ بالاسمِ وهو كافُ الخِطابِ، وقد وَقَعَ في كافةِ نسخ المفصّل: "أعطيتمُوه" بدون الكافِ، والصَّوابُ أعطَيتُكُموهُ بالكافِ ويَشهدُ له قوله: وأن ينفَصِلَ الثَّاني كقولك: أعطيتُك إيَّاه، لأنّ هذه الصُّورة الثانيةَ هي الأولى بعينها إلَّا أنَّ الضَّميرَ في الثَّاني ها هنا مُتَّصِلٌ (٦)، وفي الأُولى مُنفَصِلٌ (٧)، ثُمَّ المَفعول الأوّلُ في الثَّانيةِ كافُ الخِطابِ فكذلِكَ الأولى.

قال جارُ اللَّه: "ويَنبغي إذا اتّصلا أن يُقدّمَ منهما ما لِلمُتَكَلِّم على غَيره، وما للمخاطَب على الغائِب فتقول: أعطانِيكَ، وأعطانِيه زيدٌ الدِّرهَمُ أعطاكَهُ زَيدٌ، وقالَ اللَّهُ تَعالى (٨) {أَنُلْزِمُكُمُوهَا} " -.

قالَ المُشّرِّحُ: ضَميرُ المُتَكَلّم على ضَمير المُخاطَبِ مُقدَّمٌ، وكذلك


(١) الأصول: ١٢٤.
(٢) في (أ) ضربته وهو سهو من النّاسخ.
(٣) في (ب) في فضل.
(٤) في (ب) وها هنا.
(٥) تقدم ذكره.
(٦) في (أ) منفصل.
(٧) في (أ) متصل.
(٨) سورة هود: آية: ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>