للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ المشرّحُ: قد ذَكرنا اختلافَ العُلماءِ في هذه الرَّفعَةِ في "أيُّها" فإذا رَفعتَ فَعَلَى الابتداءِ عندنا، والمعنى راجِعٌ إلى مَعنى المجازاة، وحذفُ الصَّدرِ من جُملتها الثَّانية، إنَّما يكونُ إذا وَقعت المجازاةِ، ولأنَّها مَتى وَقَعَت لها فالمحذوفُ مَدلولٌ عليه من جِهَتَي الوَصلِ والمُجازاةِ، ضَرورةَ أنَّ الصِّلةَ والشَّرطَ لا يَكُونان بدونِ جُملتين، ولا تكونُ للمجازاةِ إلَّا إذا كانت مَرفوعةً، لأنَّ حرفَ الشَّرطِ له صدرُ الكلامِ، ثم إذا وقعتْ للمجازاة لم يجز أن يكونَ الفعلُ المُتَقَدّم عَليها ماضِيًا. لأنَّ الجَزَاءَ إذا كان فِعلًا ماضِيًا لا يكادُ يَحسُنُ تَقدِيمُه فيما إذا كانَ الحَرفُ مُشتَهِرًا بالجَزاءِ، فكيفَ إذا لم يَكن مُشتَهِرًا به؟!. ويَشهدُ لذلك مقامة مَروان بن سَعيدٍ مع الكِسائي في حَلقة يُونس (١). أبو عَمرو الشَّيباني غير أبي عَمرو بن العَلاء، هذا اسمُه إسحاقُ، وذاك اسمُه (زبان)، وهذا كُوفيٌّ، وذاك بَصرِيٌّ.

قالَ جارُ اللَّه: "فإذا كَمُلت فالنَّصبُ كقولِكَ: عرفتُ أيَّهم هو في الدَّارِ".

قالَ المشرِّحُ: إنّما يلزمُ النَّصبُ ها هنا لأنَّ المُقتضِى للنَّصبِ موجودٌ والحاجَةُ إلى الرَّفعةِ (٣) الواقِعَةِ في صورةِ الحَذْفِ (٤) معدومةٌ ها هنَا، فيلزمُ النَّصبُ أمَّا المُقتَضي لِلنّصب فلأنَّ الفعلَ السابقَ يقتَضي انتصابَها، وأمّا عدمُ تِلكَ الحاجَةِ فلأنَّ تلكَ الحَاجةَ هي الحاجةُ إلى تعاضُدِ الدّلالَتين لإِيضاح


= السيرافي: ٣/ ١٣٠، والإِنصاف: ٧١٥، والتذييل والتكميل: ١/ ٢١٤، ٢٢٦، وشرح ألفية ابن مالك للشاطبي: ١/ ١١٨ والخزانة: ٢/ ٥٢٢.
(١) في نسخة (أ) بعد قوله: حلقة يونس قال: قال مروان: فكيف تقول: لأضربن أيهم في الدار؟ فقال لا يجوز، أيّ كذا خلقت. وهذه العبارة ساقطة من (ب) وحددها في نسخة (أ) وكتب عليها حاشية. فلعلها ليست من أصل المؤلف.
(٢) تقدّم هامش هذه الفقرة في الصفحة التي قبلها فارجع إليه.
(٣) في (ب) الرفع الواقع.
(٤) في (ب) الخلاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>