للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه شاةً، فقال له: أعندك شاةٌ سمينةٌ ذاتُ نِقْيٍ؟ فقال: نَعَم عِندي شَاةٌ طفحت شَحمًا، وامتلأت دَسَمًا وَوَدَكًا، قال: عليَّ بها، فأتي الرّاعي بِشَاةٍ يَسيل رُغابُها، وهي لا تَتَحَرَّكُ هُزالًا وسوءَ حالٍ، فقالَ الرّجُلُ ما وَعَدتَنا بمثلِ هذه، أينَ الشَّحمُ واللّحمُ؟ فقالَ: ألم تَر أنَّ الشَّحمَ يسيلُ من مَنْخِرِها، فقالَ الرجلُ ذلِكَ. ويُقالُ أصله أن بَعضَ الحَمقَى اشترى عَنزًا فَعلَّفه فسالَ من أنفِه مُخاطُهُ فقالَ لأمّهِ: هذه أهالة ما عَلفتُهُ، فقالت: ذلِكَ. وذا إمَّا إشَارةٌ إلى العَلفِ أي اسرَعَ انقلابُ العَلَفِ دَسَمًا، وإمَّا إلى العَنزِ، والمعنى: أسرَعَ العَنزُ إسالة إهالِهِ، وهو الوَدَكُ. أوَّهْ: مُشَدَّدَةُ الواوِ ساكِنةُ الهاءِ كذا الرِّوايةُ عن الشَّيخِ -رفع (١) الله دَرَجَتَهُ-.

قالَ جارُ الله: فَصل؛ وفي (٢) رُوَيدَ أربعةُ أوجُهٍ، هو (٣) في أحدِها مَبنيٌّ، وهو إذا كان اسمًا للفِعلِ، وعن بَعضِ العَرَبِ: لو أردتَ الدّراهمَ لأعطيتُكَ رُوَيدَ ما الشِّعرَ، وهو فيما عَداهُ مُعَربٌ. وذلِكَ أن تَقعَ صِفةً كقولِكَ: ساروا سَيرًا رُويدًا ووضَعَهُ وضعًا رُويدًا، وقولِكَ للرَّجُلِ يُعالِجُ شَيئًا: رُويدًا أي عِلاجًا رُويدًا، أو حالًا كقولِكَ: ساروا رُويدًا أو مَصدرًا في معنى "إرواد" مضافًا كقولِكَ: رُويدَ زَيدٍ (٤)، وسمع بعضُ العَرَبِ: "رُويدَ نَفسِه"، وجَعله مصدَرًا كـ {ضَرْبَ الرِّقَابِ} " (٥).

قالَ المُشَرِّحُ: في "سارُوا سَيرًا رُويدًا" كأنه تَصغيرُ رُودٍ من قولهم: "فُلانٌ يَمشِي على رُوْدٍ" أي على مَهَلٍ قال (٦):


(١) جملة الدّعاء في (ب).
(٢) في (أ) ومن.
(٣) في (ب) وهو.
(٤) في (أ) فقط زيدًا.
(٥) سورة محمّد: آية: ٤.
(٦) البيت للجموح الظّفري وصدره:
تكاد لا تثلم البطحاء وطأتها
انظر البيت في اللسان، والصحاح: (رود) وهو في شرح الأندلسي: ٢/ ١٢١ وشرح الفصول لابن أياز: ١٩٢، والتذييل والتكميل: ٥/ ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>