للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَهلًا فِداءٍ لَكَ الأقوامُ كلُّهُم"

قالَ المشرّحُ: الأصلُ في فِداءٍ أن تُبنى على السُّكون، إلا أنّه يُحرك تحاشيًا من التقاءِ السّاكنين، وإنما حُرّك بالكَسرِ كما تُحَرّكُ الأوامرُ السَّاكنةُ، والتَّنوينُ فيه كما في "صهٍ"، و"مَهٍ". الشَّيخُ: يُروى فِداءٌ وفِدَاءً. أما وَجهُ الرّفع فهو أنّه خَبَرٌ مقدّمٌ على المُبتَدَأ وهو الأقوام. وأمَّا وجهُ النَّصبِ فَعلى أنَّه مَصدَرٌ تَقديره تَفْديكَ الأقوامُ فِدَاءً.

قالَ جارُ الله: "فَصلٌ، ومن أسماءِ الأفعالِ، دُونك زَيدًا أي خذه، وعِندَك عَمرًا، وحِذْرك بَكرًا، وحِذارَك، ومكانَك، وبعدَك إذا قُلتَ تأخَّر وحذّرتُه خَلفه، وفَرطَك وأمامَك، إذا حذّرتُه من بينِ يَديهِ شَيئًا، أو أمرتُه أن يَتَقَدّمَ، ووراءَك أي انظُر إلى خَلفِكَ إذا بَصّرتُه شَيئًا".

قالَ المُشَرِّحُ: المصادِرُ والظُّروفُ المَجازية والحَقيقيّةُ لاقتضائها الفِعلَ تُقامُ مَقامَه فمن ذلِكَ: عِندَك عَمرًا أي خُذه وهو ظَرفٌ، ومكانَك وبَعدَك الأول منهما ظَرفٌ والثّاني مصدَرٌ. وفي "شرح الكتاب" (١) وأمَّا ما لا يَتَعَدّى فقولُهم: مكانَك وبعدَك وحِذْرَك وحِذَارَك، كلاهما مَكسورُ الحاءِ إلّا أنَّ الأوَّلَ بسكونِ الذَّالِ. فإن سألتَ: هذا التَّفسيرُ تَفسيرُ الثَّاني من الاسمين أم الأول منهما؟ أجبتُ: تَفسيرُ كِلَيهِما بِدَليلِ قولِهِ: وحذَّرتُه شَيئًا خَلْفك يَنصَرِفُ إلى بعدَك، وأمّا تَأخَّر فيُصرَفُ إلى مَكانَك ألا تَرى أنَّ معناه تأخَّرتَ عن مكانِكَ الّذي أنتَ فيه الآن والزم مكانَك الأوّلَ. وهذا المَوضعُ الأوَّلُ من حَيّاتِ كلامِهِم وعقارِبِه إذا قُلت: تأخَّر فَرَطَك بِفَتحَتَينِ.

قالَ جارُ الله: "فصلٌ؛ ومن الأصوات قولُ المُتَنَدِّمِ والمُتَعَجِّبِ: وَيْ


= توجيه إعرابه وشرحه في إثبات المحصل: ٧١، والمنخّل: ١٠٥، والخوارزمي: ٦٧
وزين العرب: ٣٥، وشرح ابن يعيش: ٤/ ٧٣، والأندلسي: ٢/ ١٣٤، وعرائس المحصل: ٢/ ٩٤ وانظر التذييل والتكميل: ٥/ ٢٦، والخزانة ٣/ ٧، ٣١.
(١) شرح كتاب سيبويه للسيرافي: ٢/ ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>