للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراني لَدُن أنْ غابَ رَهطِي كأنَّما … يرانِي فيكُم طالِبُ الضَّيمِ أرنبَا

قالَ جارُ اللهِ: "وقد نَصبتِ العَرَبُ بها غُدوَةً خاصةً قالَ:

لَدن غُدوةً حتَّى ألاذَ بِخُفِّها … بَقِيّةَ مَنقوصٍ من الظِّل قالِصُ

تَشبِيهًا لِنونِها بالتَّنوين لَمَّا رأوها تَنزِعُ عنها وَتثبُتُ".

قالَ المُشَرِّحُ: قبلَ أن أُطلِعَكَ على السِّرِّ الَّذي لَمَحَتْهُ العَرَبُ في نَصبِهم غُدوَةً، أسوقُ إليكَ فَصلًا وهو أنَّ غُدوةً أكثرُ تَصَرُّفًا وأوسَعُ مَجالًا من أخواتِها ألا تَرى أنَّ قولَهم: غُدوَةَ البَين وغَداةَ البَين، وعَدَم القولِ بِسحرَةَ البينِ، وبكرةَ البَينِ، وصَباحَ البَينِ وفي شعرِ امرئ القيس (١):

وَقَد أغتَذِي والطَّيرُ في وُكُنَاتِهَا

ولا يُقالُ: استَحسر وابتَكَر وأظهَر. إذا ثَبَتَ هذا رَقَّيناك إلى مَطْلَب فَقُلتُ: معنى (٢) قَولِهم لَدن غُدوةٍ وغدوةً بجرِّ الأوّلِ ونصب الثَّاني أمَّا أنَّ المُضاف إليه مَحذوفٌ فلأنَّ لَدُن من الإِضافيَّات والمَنصوبُ لا يَصلُحُ أن يكونَ مُضافًا إِليه، فيكونُ المُضافُ إليه لا مَحَالَةَ مَحذُوفًا، وأمَّا أنَّ المحذوفَ غُدوةً فلأنَّ غُدوةً المَذكورَ يَقتَضي أن يكونَ المَحذوفُ كَذلِكَ، والَّذي يَدُلُّ على أنَّ المَحذوفَ كذلِكَ قَولُ شُبرُمَة بن الطِّفْيَلِ (٣):

وَيَومٍ شَديد الحَرِّ قَصَّرَ طُولَهُ … دَمُ الدّق عنَّا واصطكاكُ المَزاهِر


(١) تقدم ذكر البيت في الجزء الأول.
(٢) كتبها الناسخ سهوًا مرتين.
(٣) لم أعثر على ترجمته وقد ورد له بعض الشواهد في معاجم اللُّغة وهذان البيتان ورد لهما ثالث هو قوله:
كأنّ أباريق الشمول عشيّة … أوزّ بأعلى الطّفّ عوج الحناجر
وهذه الأبيات الثلاثة لشبرمة في الحماسة انظر شرح المرزوقي: ٣/ ١٢٦٩ والمقامات، المقامة رقم ٢٧ … وغيرهما.
ونسب البيت الأول ليزيد بن الطثرية في الحيوان: ٦/ ١٧٩، واللآلي للبكري: ٩٣٨ .. وغيرهما وأثبته جامع شعره الدكتور حاتم الضّامن انظر تخريجه هناك. =

<<  <  ج: ص:  >  >>