للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَدُن غُدوةً حتَّىٍ أروحُ وصُحْبَتِي … عُصَاةٌ على النَّاهِين شُمٌّ المَنَاخِرِ

ألا تَرى (١) أنَّه لو لم يَكن المَعنى على ما ذَكرناه لَما وَقَعَت حَتَّى موقِعَهَا لأنَّه حِينَئذٍ يكونُ المَعنى شَربنا قَبلَ غُدوة حَتّى أروحُ وذلكَ عَن الجَوازِ مُنحَرِفٌ. فإن سألتَ: ما الدَّليلُ على أنَّ المَعنى حِينئذٍ يكَون كذلِكَ أجبتُ: لأنَّك إذا قُلتَ: شَربنا لَدى النَّهر فمعناهُ قَريبًا منه (٢)، فكذلِكَ قولُك: شَربنا لَدى الغُدوة، ومَعناه قَريبٌ من الغُدوةِ وقَريبًا من الغُدوةِ مَعناه قبلَ الغُدوةِ، ولو قُلتَ: قَبلَ الغُدوة حَتَّى أروحُ لَما صَحَّ. فإن سألتَ: فإذا كانَ المَعنى على ما ذَكرتَ فلِمَ اختَصَّ غُدوةٌ بلَدُن، ولَدُن بغُدوةٍ؟ وكَيفَ لم يَجُز أن يُقالَ: لَدى غُدوَةٍ وكذلك: لَدُن سَحْرَةٍ؟ أجبتُ: أمَّا الأوَلَ فلأنَّ النُّون في لَدُن مما يُوهِمُ كونَه مُنَوَّنًا، والتَّنوينُ مانعٌ من الإِضافةِ، أمَّا الثَّاني فلأنَّ "غُدوةً" على ما ذَكرناهُ أكثرُ تَصرُّفًا وأوسعُ مَجَالًا من أخواتِها. مَعنى هذا البَيتِ كقولِهِ:

وانتقلَ الظِلُّ فصارَ حُورِيًّا

قالَ جارُ اللهِ: "فَصلٌ، ومنها "الآن" وهيَ للزَّمان الَّذي يقعُ فيه كلامٌ للمُتَكَلِّمِ وقد وَقَعَت في أوَّلِ أحوالِها بالألفِ واللَّامِ وهي عِلَّةُ بنائها".

قالَ المُشرِّحُ: "الآن" معناه الزَّمانُ الّذي يَقَعُ فيه كَلامُ المُتَكَلِّمِ وهي آخرُ ما مَضى من الزَّمانِ (٣)، وأوَّلُ ما يأتي منه كقولِكَ: الآن جِئتَ، والآنَ يَجِيءُ ومعناه في هذا الزَّمانِ الذي فيه أُكَلِّمُكَ جِئتَ أو تَجيءُ وأصلُ الآن أوان فحُذفت منه الواو كما قالوا: راحَ للجمعِ في رَياحٍ بالفَتحِ [وهو أحدُ قَولَي الفَرَّاء ونَحوه زَمَنٌ في زَمَانٍ وأنَّه مَبْنِيٌّ وفي أمثلةِ النَّحويين] (٤) مِنَ لآن (٥)


= تنبيه: ضبط الخوارزمي في كتابه "التَّوضيح" شرح مقامات الحريري: ١٤٤ (الطّفيل) بكسر الطاء وسكون الفاء كالعثير، قال: كذا سمعته من بعض الأدباء اليابسة.
(١) ساقطة من (أ).
(٢) في (ب) من النهر.
(٣) في (ب) الوقت.
(٤) في (ب).
(٥) في (أ) إلا أنّ بتحريك ..

<<  <  ج: ص:  >  >>