للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتحريكِ النُّون ومِلْآنَ بحذفِها، وإنما بُنِيَ لأنَّه لَزِمَهُ النَّصبُ بلزومِ الظَّرفِيّةِ إيّاهُ فصارَ بمنزلةِ اللَّامِ من رَجُلٍ والدَّالِ من زَيدٍ، والإِعرابُ لا يكونُ كذلِكَ وبُنِيَ على الفَتحِ لأنَّه في الأصلِ ظَرفٌ، وحَقُّ الظَّرفِ أن يكونَ لَه هذه الصُّورةُ من قِبَلِ العامِلِ، والبِناءُ ذَهَبَ منه كونُ هذه الصُّورة من قِبَلِ العامِلِ فَبَقِيَ نَفسُ هذه الصُّورةِ. وأمَّا قولُ الشَّيخِ -رَحمه الله (١) -: فلأنَّ وقوعَها في أوَّلِ أحوالِها بالألفِ واللَّامِ، وهي عِلَّةُ بنائِها فَشيءٌ مُزَيَّفٌ بدَلِيلِ العَيُّوقِ والدَّبِرانِ (٢) والسِّماكِ والثُّرَيَّا وَقَعَت في أوّلِ أحوالِها كذلِكَ وهي غَيرُ مَبنِيَّةٍ ولأنَّهم يَعنُون بذلِكَ أنَّه يَحتاجُ إلى غَيرِه وهو الألفُ واللَّامُ فَصارَ لَه شَبَهٌ بالحرفِ، وهَذا يَنتَقضُ بالفِعلِ المُضارِعِ لأنَّه بِهِ حاجَةٌ إلى الفاعِلِ وهو غَيرُ مَبنِيٍّ.

قالَ جارُ اللهِ: "ومَتى وأينَ وهُما يَتَضمّنان مَعنى الاستفهامِ ومَعنَى الشَّرطِ، تَقولُ: مَتى كانَ ذلِكَ؟ ومتَى تأتِني أُكرِمكَ، وأينَ كنتَ أكنَ، وأينَ تَجلِسْ أجلِسْ ويَتَّصِلُ بهما "ما" المَزيدة فتَزِيدُهما إبهامًا، والفَصلُ بينَ متى وإذا أنَّ مَتى للوَقتِ المُبهَمِ وإذا للمُعيَّنِ".

قالَ المشرِّحُ: مَتى الاستِفهاميّة بِناؤها لِجَريِها مَجرى هَمزةِ الاستفهامِ، والشَّرطِيّة لِجريِها مَجرى إنْ، وكذلِكَ أينَ، والفَصلُ بَينَهما أنَّ إذا للأُمورِ الواجِبَة الوُجودِ أو ما جَرَى ذلِكَ المَجرى مما عُلِمَ أنَّه كائِنٌ. وهي (٣) لِمَا يَتَرَّجحُ بين أن يكونَ، وبينَ أن لا يكُونُ، تَقولُ: إذا طَلَعت الشّمسُ خَرَجتُ، وإذا أُذِّنَ للصَّلاةِ قُمتُ، ولا يَصلُحُ في هذا النَّحو "متى"، وتَقولُ: مَتى تَخرُجْ أخرُجْ، تَقولُهُ مَع من لا تَتَيَقّنُ أنَّه خَارِجٌ ولا يَغلِبُ ذلِكَ على ظَنِّكَ أيضًا، بل تَقولُ فيه يَجوزُ أن يكونَ، ويَجوزُ أن لا يكونَ.


(١) جملة الدعاء في (ب).
(٢) في (ب).
(٣) (هي) تحرّفت في (أ) إلى متى.

<<  <  ج: ص:  >  >>