للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِصاحِبِه أكثرَ، يقالُ لا أفعلُ كَذا وكَذا عَوضَ نَاقَتي. قالَ بَعضُهم: العَوضُ هو الدَّهرُ سُمّي بذلك لأنَّ المَلَوينِ كأنَّهما يَتَعاوَضانِ، ووُضِعَ موضِعَ الأبَدِ، وهو المُستَقبلُ من الزمانِ، وقالَ صاحبُ (العَين) عوضُ كلُّه يَجري مَجرى القَسَم، فعوضُ ها هنا على القولِ (١) الأوّلِ ظرفٌ محضٌ معناه تقاسَما لا نَتَفرَّقُ الدّهرَ، وعلى الثَّاني أقسما بالدَّهرِ لا نتفرّقُ (٢)، فَحَذَفَ حرفَ القَسمِ، ونَصبَ المُقسمَ به كما في قولِكَ: واللَّه لأفعلنَّ.

قالَ جارُ اللَّهِ: "فَصلٌ؛ وكيفَ جارٍ مَجرى الظُّروف، ومَعناهُ السُّؤالُ عن الحالِ تَقولُ: كَيفَ زَيدٌ أي على أيِّ حالٍ هو وفي مَعناها "أنَّى" قالَ اللَّه تَعالى (٣): {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} وقال الكُميتُ:

أنِّى ومِن أينَ آبَكَ الطَّربُ

إلَّا أنّهم يُجازُونَ بأنَّى دُونَ كَيفَ قالَ لَبيدٌ

فَأصبَحتَ أنَّى تأتِها تَلتَبِس بِها

وحَكى قُطربٌ عن بَعضِ العَرَبِ: "انظر إلى كيفَ تَصنَع".

قالَ المُشرّحُ: الّذي يَدُلُّ على أنَّ كيفَ اسمٌ حكايةُ قُطربٍ (٤) عن بعضِ العَرَبِ: "على كيفَ تَبيعُ الأحمَرَين" وهُما اللَّحْمُ والخَمرُ (٥)، ومِنهُ: "أهلكَ الرَّجُلُ الأحمران" (٦) و"كيف" تُنَظِّمُ الأحوالَ كلَّها، كما أن أين تُنَظِّمُ


(١) في (أ) الوجه.
(٢) في (ب) يتفرقان.
(٣) سورة البقرة: آية: ٢٢٣.
(٤) هو محمد بن المستنير، تلميذ سيبويه، وسيبويه هو الذي لقبه بقطرب اسم دويبَّة.
(٥) انظر: كتاب المثنى لأبي الطيب اللغوي: ٢٩.
(٦) هما الزعفران والذهب: المثنى: ٢٩، وفي جنى الجنتين للمحبي: ١٦ الزعفران والذهب الأصفران.

<<  <  ج: ص:  >  >>