للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن سألتَ: كما انتَفَت في مثلِ هذه الصُّورةِ أماراتُ الياءُ، فكذلك انتَفت أماراتُ الواوِ فلم قُلِبَت إلىَّ الواوِ دونَ الياءِ؟ أجبتُ: ما الدَّليلُ على انتفاءِ أماراتِ الواوِ؟ والدَّليلُ على أنه لو كان بالأميل، وهذا لأن كون الألفِ ياءً في الأصلِ سببٌ للإِمالةِ. فإن سألتَ: فهذا منتَقِضٌ بلَدي وعَلىّ فإن هذه الألفات لم يُعرف لها أصل فى الواوِ ولأنَّ الحُروف غيرُ مشتَقَّةٍ ولا مشتقٍّ (١) منها ولا تَجري فيها الإِمالةُ لأنَّهم قالوا: الحُروف لا تُمالُ، وهي مع ذلِكَ محكومٌ عليها بالياءِ بدليلِ أنّهم كَتَبوا هذه الألفاتِ بالياءِ. أجبتُ: ما الدّليلُ على أنَّ هذه الألفاتِ محكومٌ عليها بالياءِ؟، وأمَّا كَتْبُهُم إيّاها بالياءِ فبناءً على لَفظِ لَديه وعَليه وإليه، وكأنَّهم جَعلوا هذه الألفات عندَ اتصالِ الضَّميرِ بها ياءً مخافةَ أن يُتَوَهَّمَ أن هذه الكَلِم أفعالٌ. الألف في أعشى مُنقلبةٌ عن الواو لأنَّها من العَشا وكذلك مَلهى لأنَّها في اللَّهو، أمَّا في جليان وحُباريان فمزيدةٌ. فإن سألتَ: فكيفَ رُدَّ نحو عَصوان إلى الأصلِ ولم تُردَّ إليه نحوَ مَلهيَانِ أجبتُ: ها هُنا تَعَارضَ أصلان أحدُهما يَقتضي أن يُرَدَّ في التَّثنِيَةِ الاسمُ إلى أصلِهِ، والثّاني: أنَّ لا يُرَدَّ إن (٢) كان واوِيًّا، وذلِكَ أنه يَجِبُ أن يَكونَ آخرُ الكَلِمَة على حَرفٍ ضَعِيفٍ وكذلِكَ أنَّهم اتَّفقوا على أن تُقطَعَ الكَلِمَةُ عن الحَرَكَةِ ثُمَّ يوقَفُ عليها فأخَذَ في نحوِ عَصوانِ بالأوَّل، لأنَّه أقوى، إذ هو خَاصُّ وقَضيَّةُ القياسِ الأخذُ به في مَلهيان إلَّا أنَّه ثَمَّ قد عارَضَهُ شيءٌ آخرُ وذلِكَ الأصلُ لا يُحمَلُ على الثّقيل الثقيل (٣) فَعدلوا عن الواوِ إلى الياء هُناكَ.

قالَ جارُ الله: وأمَّا مَذروان وثِنيان فلأنَّ (٤) التَّثنِيَةَ فيهما لازِمَةٌ كالتَّأنيثِ في شَقاوةٍ وعِضَايَةٍ".


(١) في (ب) ولا يشتق منها.
(٢) في (ب) إذا.
(٣) ساقط من (أ).
(٤) في (ب) فقط فإنّ

<<  <  ج: ص:  >  >>