للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ جارُ اللَّهِ: "وأعرفُها المُضمَرُ ثُمَّ العلَمُ ثُمَّ المُبهَمُ ثم الدَّاخِلُ عَلَيهِ حرفُ التَّعريفِ أمَّا المضافُ فيُعتَبَرُ أمرُهُ بما يُضافُ إليه".

قالَ المُشَرِّحُ: أمَّا المُضمَرُ فإنّه أعرفُ المَعَارِفِ، وهذا لأنَّه كما زَعَموا بِمَنزِلَةِ وَضعِ اليَدِ، ولا تَعريفَ فَوقَه، وأمَّا العَلَمُ (١) والمُبهَمُ فلأنَّ كلَّ واحدٍ مِنهُما وإن لم يَكُن له وَضْعُ اليَدِ لكنَّ العَلَمِ مَوضوعٌ لشَيءٍ بِعَينِهِ بِخِلافِ المُبهَمِ، وأمَّا المُبهَمُ والدَّاخِلُ عَليهِ حَرفُ التَّعريفِ فلأنَّ أحَدَ نوعَيهِ يَقتَضِي المُشارَ إليه، إمَّا في الخارِجِ وإمَّا مذكورًا سابِقًا، ولا كَذلِكَ الدّاخِلُ عَليه حَرفُ التَّعريفِ، والنَّوعُ الثَّانِي منه يَقتَضي الصِّلةَ، ولا كَذلِكَ المُعَرَّفُ باللّام. أمَّا الدَّليلُ (٢) على أنَّ المضافَ يُعتَبَرُ أمرُهُ بما يُضافُ فلأنَّه عدَّ ما أُضيفَ إليه المُعَرّفُ باللَّام بمنزلةِ المُعَرَّفِ باللَّامِ، وذلِكَ قولُهم نِعْمَ أخو العَشِيرَةِ أنتَ، ورئيسُ صاحِب الرَّجُلِ عبدُ اللَّهِ، وتَقُولُ: هو الحَسَنُ وَجْهُ العَبدِ، كما تَقُولُ: هو الحَسَنُ الوَجهِ، ولا تَقُولُ: هو الحَسَنُ وَجهُ.

ما زالَ (٣) النَّحويُّون يقولونَ: المُنادى مَعرفةٌ نحوَ يا رَجُلُ ويا عالِمٌ بدَليلِ أنَّكَ مَتَى وَصفتَهُ وَصَفتَهُ بالمَعرِفةِ، ولأنَّهم فَرَّقوا بينَ يا رَجُلًا وبَينَ يا رَجُلٌ فقالوا: بِأَنَّ الأوَّلَ نكرةٌ والثَّانِي معرفَةٌ، حتَّى إذا آلَ إلى حَصرِ المَعَارِفِ أهمَلُوهُ وطَرَحُوهُ من البَينِ.

فَقُلْ لِمَنْ يدَّعِي في العِلْمِ فَلسَفَةً … حَفِظْتَ شيئًا وضاعَتْ عَنْكَ أشْيَاء

فإن سألتَ: فإذا كانت معرفةً فما الأداةُ المُعَرّفةُ؟ أجبتُ: حَرفُ النِّداءَ مَعَ الضَّمِّ.


(١) نقل الأندلسي هذا النص في شرحه: ٣/ ٥.
(٢) شرح الأندلسي: ٣/ ٦.
(٣) نقل الأندلسي في شرحه: ٣/ ٣ هذا النص ثم عقب عليه بقوله: ولا نسلم أنّ النكرة المقصودة معرفة، وأمَّا قوله: إن النحويين يقولون: المنادى معرفة .. فلخص إلى يا رجل، وبقي الوصف على ما كان قبل التلخيص وقال أيضًا: -ولعمري- لو أنصفناه لظهر الحق معه، ولتوجه الإلزام والنقص عليهم … وانظر البحث هناك أكثر تفصيلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>