قالَ جارُ اللَّهِ: "وأعرفُ أنواعِ المُضمَرِ ضميرُ المُتَكَلِّمِ ثُمَّ المُخاطَبِ ثم الغائبِ".
قال المُشَرِّحُ: إنّما كانَ ضميرُ المُتَكَلّم أعرفَ أنواعِ المُضمَرِ، لأنَّهُ مِمّا لا يَجرِي فيهِ الشَكُّ، ولَيس لِشُبهَةٍ فيه مَجَالٌ، لأنَّه لا يُشارِكُهُ غيرُه بِخِلافِ ضَميرِ المُخاطَبِ والغائِبِ، وبَعدَ ضَمير المُتَكَلّمِ ضَميرُ المُخاطَبِ، لِمُشاهَدَتِهِ، ثُمَّ لِضَميرِ الغائِبِ لِتَقَدُّم ذِكرِهِ، ولهذا كانَ الوَجهُ إذا اتَّصلت هذه الضَّمائرُ بفعلٍ أن يُبتَدَأ بِضَميرِ المُتَكلِّمِ ثُمَّ ضَميرِ المُخاطَبِ ثُمَّ الغائِبِ. فَتقولُ: الدِّرهَمُ أعطَيتُكُم، وكذلك المُتَكَلِّمُ على المُخاطَبِ في قولِكَ: أنا وأنت قُمنا، والمُخاطَبُ على الغائِبِ في قولِكَ أنتَ وزَيدٌ قُمتُما.
قالَ جارُ اللَّهِ: والنَّكرةُ: ما شاعَ في أَمَّتِهِ كقولِكَ: جاءَني رَجُلٌ، ورَكبت فَرَسًا.
قالَ المُشَرِّحُ: هذا يَنتَقِضُ (١) بالمُعَرَّفِ باللّامِ من الجِنسِ الثَّاني فإنَّه شاعَ في أُمَّتِهِ. وهو لَيس بِنَكِرَةٍ.
أمَّا بيانُ المُقدِّمةِ الأُولى: فلأنَّ الجِنسَ الثَّاني يَجوزُ إطلاقُه علَى كلِّ فَردٍ، ألا تَرى أنَّه إذا قِيلَ لَكَ: ما الكُرَّاثُ؟ فأخذت كُرَّاثَةً واحِدةً فقلتَ: الكُرَّاثُ هذا وَهَلُمَّ جَرّا إلى كلَّ كُرَّاثَةٍ كُرَّاثَةٍ. إنَّما الحَدُّ الصَّحيحُ أن يُقالَ: النَّكرَةُ ما دَلَّ على مَعنًى دِلالَةً عارِيَةً عن الإِشارَة إليهِ.
(١) نقل الأندلسي هذا النص في شرحه: ٣/ ٦، ٧ ثم قال: قلت: كأنّه يعني بالجنس الثاني الجنس الطبيعي نحو الحيوان من حيث هو حيوان.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute