للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُجَّةُ سِيبويه: [أنَّ السِّينَ -وإن كانت للإِلحاقِ- فهي زَائِدةٌ] (١)، والميمُ -وإن كانت زائدةً لغيرِ الإِلحاقِ- فهي بمنزلةِ الكلمَةِ لِكَونِها دالَّةً على كَونِ الاسمِ جارِيًا، فصارَ هذا المعنى مُقاومًا للإِلحاق ثم جُعِلَ لِلمِيمِ قُوَّةً من وَجهين: أحدهُمُا: - أنَّها في أوّلِ الكَلِمَةِ والسِّينُ في آخَرِهَا والأواخِرُ أولى بالحَذفِ من الأوائِلِ، ألا تَرى أنَّك تقولُ في جَمعِ فَرزدَقٍ فَرازِدٌ، وفي جَمعِ سَفَرجَلٍ سَفارِجٌ فتحذِفُ الآخر دونَ الأوَّل.

الثَّاني: - أنَّ التكرارَ يثقُلُ عليهم، وبالسِّينِ يَقَعُ التَّكرارُ، فكانَ حَذفُهُ أولى.

قالَ جارُ اللهِ: "فَصلٌ؛ ومِنَ الأسماءِ ما لا يُصَغَّرُ كالضَّمائِرِ وأبنٍ ومَتَى وحَيثُ وعِندَ ومَعَ وغَيرِ".

قالَ المُشَرِّحُ: الضَّمائِرُ لا تُصَغَّرُ لِغَلبةِ الحَرفيَّةِ عَليهَا. فإن سألتَ: فأسماءُ الإِشارةِ قد غَلَبَت عَليها الحَرفيَّةُ وهي مَعَ ذلِكَ تُصَغَّرُ؟ أجبتُ: غَلَبةُ الحَرفيَّةِ على الضَّمائِرِ أكثرُ من غَلبتِها على أسماءِ الإِشارةِ ألا تَرى أنَّ أسماءَ الإِشارة تُثَنَّى وتُنادَى ولا كذلِكَ الضَّمائِرَ وعلى ذلِكَ أينَ ومَتى لِغَلَبَةِ الحَرفيّةِ عَلَيهما بدَليلِ جَريِهِما مَجرى هَمزةِ الاستفهام، وكذلِكَ حيثُ لِغَلَبَةِ الحَرفيّةِ أيضًا عَليه بدَلَيلِ أنَّه لا يُعرَبُ أصلًا وكذلِكَ عِندَ لا تُصَغَّرُ لِمُشَابَهَتِهِ الحَرفيّةَ، وهذا لأنَّ الحَرفَ هو الّذي لا يُتَصَوَّر مَعناه إلا بِتَصوُّرِ مَعنَيينِ آخَرينِ، و"عندَ" بهذه المَنزِلَةِ لأنَّه ظَرفٌ (٢) إضافيّ فإن سَأَلتَ: فهذه المُشابهةُ قائِمةٌ في "قَبلُ وبعدُ" وهما مَعَ ذلِكَ يُحَقَّرانِ؟ أجبتُ: بأنَّ مُشابَهَتَهُما الحَرفَ غيرُ مُتَأكِّدَةٍ، لأنَّهما لا يُفارِقَانِ الإِضافةَ في نحوِ قولِهِ (٣):


(١) في (أ).
(٢) في (ب) ظرفي.
(٣) تقدّم ذكر هذا البيت مرارًا فيما تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>