للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَساغَ لِيَ الشَّرابُ وكنتُ قَبلًا

وعلى ذلِكَ "مَعَ". فإِن سألتَ: مشابَهَة الحرفِ غير مُتَأكِّدةٍ لمفارقةِ الإِضافةِ نَحَو: خَرَجنَا معًا؟ أجبتُ: مفارقة الإِضافة قد انجَبَرَتْ لِمُشابَهَة الحَرف من وَجهِ آخرَ وذلِكَ أن مَعَ على حَرفين لم يَسقط منه شَيءٌ، وذلِكَ أشبَهُ بحالِ الحَرفِ، ولأنَّ تَصغيرَ "مَعَ" غيرُ مُمكنٍ لأنَّ ياءَ التَّصغيرِ يَجِبُ أن تَكونَ بعدَ حَرفينِ قبلَ ثلاثٍ، وأمَّا غَير فمشابَهَتُهُ بالحرفِ، وذلِكَ أنه نِسبةٌ بينَ شيئين ينفي المُماثَلَةَ. فإن سألتَ: فهذا يَنتقِضُ ومماثِلٍ فإِنَّ أحدَهُما لِنَفي المُماثَلَةِ بينَ الشَّيئين والآخر لإِثباتِ المُماثَلَةِ بَينهما، وهُما مَعَ ذلِكَ يُصغَّران؟ أجبتُ: بأنَّه (١) أشبَهُ بالحَرفِ من المُغايِرِ والمُماثِلِ لأنَّ غَيرًا كالحَرفِ لا يَنفَكُّ عن اقترانِ إحدى المُغايِرَينِ بِهِ بخلافِ المُغايِرِ والمُماثِلِ.

قالَ جارُ اللَّهِ: "وحَسبُ" و"مَنْ" و"مَا"".

قالَ المُشرِّحُ: أمَّا "حسبُ" فلأنَّه في مَعنى الفِعل المَنهيّ عَنه، والفِعلُ لا يُصغَّرُ، فإن سألتَ: فهذا يَنتقِضُ بِكَفِيك وكافِيكَ فإن كلَّ واحدٍ منهما في مَعنى الفِعلِ وهو مَعَ ذلِكَ يُصَغَّرُ؟ أجبتُ: بأنَّ حَسب أقرُب إلى النَّهيِ من كَفِيك وكافِيكَ ولذلِكَ انجَزَمَ به الجوابُ في قَولِهِم حَسبُكَ يَنَمِ النَّاسُ. وأمَّا "من" و"ما" فلغلبةِ الفِعلِيَّة عَليهما وذلِكَ لِجَرِيهِما إمّا مَجرَى حَرفِ الاستفهام وإمّا حَرفِ المجازاة وإمَّا حَرفِ التَّعريفِ. فإن سألتَ: الَّذي والَّتي غَلَبَ عليهما الحَرفِيَّة بِدَلِيلِ أنَّهما يُجرَيَان مُجرى حَرفِ التَّعريفِ وهما مع ذلِكَ يُصغَّران؟ أجبت: غَلَبَةُ الحَرفيَّةِ على "مَن" و"ما" قَوَّى (٢) غَلَبَة الحَرفيَّة على الّذي والّتي، وذلِكَ أن دُخولُ اللَّامِ عَلَيهما يُوِهِمُ أنَّه بِمَنزِلَةِ اسمٍ مُظهَرٍ، ولذلِكَ يُوصفُ بهما بخلافِ "مَن" و "ما".


(١) في (ب) بأنّ غير.
(٢) في (ب) فرق.

<<  <  ج: ص:  >  >>