للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ جارُ اللهِ: "وأمسِ وغدًا وأوَّلُ من أمسِ والبارحةِ وأيَّام الأُسبوعِ".

قالَ المُشَرِّحُ: قال سيبويه (١): ولا يُصَغَّرُ الثُّلاثاءُ والأربعاءُ والبارِحَةُ وأسماءُ الشُّهور كلُّها نحوَ المُحَرَّمِ وصَفَرٍ لأنَّها أسماءُ أعلامٍ، والكُوفِيُّون يَرون تَصغيرها، وكلّ اسمٍ عَلَمٍ خاصٍّ لِشَيءٍ لا اشتراكَ فيه، فإنّه لا يَصِحُّ تَصغِيرُهُ. اعلمَ أنَّ تَسمِية الأزمِنَةِ على صِنفَين: صنفٌ يَقَعُ به تَعيينُ مُسَمَّاهُ وتَحصِيلُهُ. وصِنْفٌ لا يَقَعُ، أمَّا الصِّنفُ الأوَّلُ فكاليومِ واللَّيلةِ والصَّيفِ والشّتاءِ، وأمَّا الصِّنفُ الثَّاني: فنحو أيَّامِ الأُسبوع لأنَّ حاصل الأمرِ فيها يَرجِعُ إلى أنَّ يومَ الأحدِ هو اليومُ الَّذي بَعدَهُ يومُ الاثنينِ ويومُ الاثنينِ هو اليومُ الَّذي بعدَه يومُ الثُّلاثاء، أمَّا يومُ الاثنينِ في الحَقيقةِ ما هو فَشَيءٌ. غيرُ حاصِلٍ، ولذلِكَ إِذا ضَلَلتَ التَّرتيبَ في أيّامِ الأسبوعِ لم تَجِدْ ما يعَيّنُ لَكَ أنَّه يومُ الأحدِ أو يومُ الاثنَينِ. أمَّا الصِّنفُ الأوَّلُ فَتَصغِيرُهُ كتَصغِيرِ سائرِ الأيَّامِ سائغٌ، وهذا لأنَّ تَصغيرَ الشَّيءِ نَوعُ ذَمٍّ وتَحقيرٍ له وتَحقيرُ شَيءٍ غير مُعَيّنٍ ولا مُحَصَّلٍ مُحالٌ.

قالَ جارُ اللهِ: "والاسمُ الَّذي بِمَنزِلَةِ الفِعلِ لا تَقولُ: هو ضُويرِبٌ زَيدًا".

قالَ المُشَرِّحُ: هذه المسألةُ ما قاله الشَّيخ أبو علي الفارِسِيُّ: واسمُ الفاعِلِ [إذا عَمِلَ عَمَلَ الفعلِ] (٢) لم يُوصف كما لا يُصَغَّرُ فمن ثُمَّ لم يُستَحسَنْ هذا ضُويربُ زَيدٍ كما لا يُستَحسَن هذا ضارِبٌ ظريفٌ زيدًا. ثُمَّ (٣) هذه المسألَةُ أدَلُّ دَليلٍ على أنَّه لا يَجُوزُ تَصغِيرُ الفِعلِ، وذلِكَ: أنَّ الاسمَ معِ كونِهِ مُستَوجِبًا التَّصغيرَ إذا امتَزَجَ به شَوبٌ من الفِعلِ وهو كونُه عامِلًا عَمَلَ الفِعلِ لم يُصَغَّر، فكيفَ يُصَغَّرُ الفِعلُ نَفسُهُ!؟


(١) الكتاب: ٢/ ١٣٦.
(٢) في (ب).
(٣) نقل الأندلسي في شرحه: ٣/ ٥٣ كلام الخوارزمي هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>