للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد أن يسوق أمثلة من ترهات هؤلاء النفر من المشعوذين قال:

ألفتها عصبة صوفية … تشتهي الأكل وتأبى العملا

من عدا القرآن والعلم فقد … خالف الله وخان الرسلا

فالزموا السّنة لا تبتدعوا … واحذروا الزيغ وخافوا الزللا (١)

وتفرّد ابن العماد ببيتين من الشعر لمكي يحكيان لباقته وكياسته وهما:

عليك بإقلال الزيارة إنها … إذا كثرت كانت إلى الهجر مسلكا

ألم تر أن الغيث يسأم دائما … ويطلب بالأيدي إذا هو أمسكا (٢)

ولم أقف في ترجمته، في كل نصوصها، على شيء يشينه أو يصمه، لا من قريب ولا من بعيد، حتى إن في ذلك إجماعا منهم على وصفه بالإمامة في العلم، والفضل في الخلق، والجودة في تناوله مسائله، والتبحر في فنون العربية والحفظ والأدب، لم ينمّ أحد منهم بشيء يثلم أستاذيته (٣). ذكر الذهبي أنه «كان من أوعية العلم مع الدين والسكينة والفهم» و «هو شيخ الأندلس وعالمها، وكان من أهل التبحر في العلوم» (٤).

[(٨) وفاته وقبره]

ولا خلاف في تاريخ وفاته غير التفصيل فيه من حيث اليوم والوقت. فقد لبّى مكي نداء ربه تعالى فجر يوم السبت، وشيّع جثمانه ضحى يوم الأحد لليلتين خلتا من المحرم سنة سبع وثلاثين وأربعمائة، وقد ناهز الثانية والثمانين (٥).


(١) حاشية أنباه الرواة ٣/ ٣١٩
(٢) شذرات الذهب ٣/ ٢٦١
(٣) جذوة المقتبس ٣٢٩، ونزهة الألباء ٣٤٧، والصلة ٥٩٧، وبغية الملتمس ٤٦٩
(٤) سير أعلام النبلاء ١١/ ١٣١ /ب، وطبقات ابن قاضي شهبة ٥٠٤
(٥) الصلة ٥٩٩، ومعجم الأدباء ١٩/ ١٦٨، وأنباه الرواة ٣/ ٣١٨، ووفيات الأعيان ٤/ ٣٦٤

<<  <  ج: ص:  >  >>