للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل في إدغام ما هو من كلمة]

«١» اعلم أن هذا الباب يقوي الإدغام فيه أكثر من الذي قبله، لأن الحرفين لا ينفصل أحدهما من الآخر. فمن ذلك إدغام التاء في الثاء (١) في: ﴿لَبِثْتَ﴾ «البقرة ٢٥٩»، و ﴿لَبِثْتُمْ﴾ «الإسراء ٥٢» (٢) وذلك حسن لاتصالهما، ولأن التاء أقوى من الثاء، للشدة التي في التاء، ولأنهما اتفقا في الهمس، ولأن لام التعريف تدغم فيهما، والإظهار حسن، لأنه الأصل، ولأن به قرأ الحرميان وعاصم، وذلك حجة، ومثله الحجة في ﴿أُورِثْتُمُوها﴾ «الأعراف ٤٣» (٣) قرأه بالإدغام أبو عمرو وهشام وحمزة والكسائي.

«٢» ومن ذلك إدغام الذال في التاء في قوله تعالى: ﴿فَنَبَذْتُها﴾ «طه ٩٦» و ﴿عُذْتُ بِرَبِّي﴾ «غافر ٢٧» (٤) أدغمهما أبو عمرو وحمزة والكسائي، وأظهر الباقون. وحجة من أدغم أن قوة التاء والذال معتدلة، لأن التاء شديدة، والذال مجهورة، والشدة في القوة كالجهر، ولأن التاء مهموسة. والذال رخوة والهمس في الضعف كالرخاوة، فاعتدلا في القوة والضعف، فحسن الإدغام لذلك، إذ لا يدخل على الحرف الأول نقص في قوته بالإدغام، على أنهما قد اشتركا في المخرج من الفم، واشتركا في إدغام لام التعريف فيهما، وقوي ذلك لاتصالهما


(١) التبصرة ٣٧ /أ، والرعاية لتجويد القرآن ٣٤ /أ، والتيسير ٤٤، والنشر ٢/ ١٥، وكتاب سيبويه ٢/ ٥٠٤
(٢) سيأتي هذا الحرف في سورة المؤمنون، الفقرة «٢٢»
(٣) سيأتي هذا الحرف في سورته، الفقرة «٢٧»
(٤) سيأتي ذكر هذين الحرفين في سورة الكهف، الفقرة «٥٠»