الكتاب، على المألوف عند أغلب المؤلفين والمصنفين. وفي كل حال فليس في الأمر ما يقتضي أكثر من هذه الملاحظات.
[(ج)«أبواب الكتاب وعنواناتها»]
ولا بدّ أن في توالي أبواب الكتاب على نحو دون آخر دلالة بعينها، كما أن في إدراج فصول في بعض هذه الأبواب ما يعين على تقويم مادة الكتاب ومسائله وموضوعه.
وكذلك العنوانات، وإن هي اتفقت في كثير من كتب الفن، فإن في تخيّر عبارة بعضها ما يقطع على تصوّر الموضوع عند المؤلف ومنهجه في تناوله.
وإذا نظرنا في توالي هذه الأبواب والفصول وجدنا أنها مسائل منظمة جعلت بعضها مع بعض، واستوفيت فروعها، واستدركت جزئياتها، وأشبعت بحثا ودراسة، وقرنت الأشباه فيها إلى الأشباه، والنظائر إلى النظائر، وأن بعض الفصول في بعض الأبواب إنما جيء بها تيسيرا للبحث، وترتيبا لمادته، وتوضيحا لبعض المسائل التي تحتاج إلى بيان ودقة، ووجدنا أيضا أن تنظيم مكي لهذه الأبواب في «الكشف» وكذلك في التبصرة إنما يخالف كثيرا من الأئمة المعدودين فيما ألّفوه من الموضوع نفسه. وأغلب الظن أنه فعل ذلك تحقيقا، لما وقفنا عليه فيما نقلنا عن بعض كتبه من أنه كان يتصوّر الموضوع في نفسه، وربما مضى عليه، وهو كذلك، سنوات، ويأخذ في نفسه ما يخطر بباله، ويبحث فيما ألّف وصنّف قبله في الفن (١). فإن ذلك غاية ما يحتاج إليه المؤلف المجتهد سواء على عهد مكي أو قبله أو بعده.
[(د)«مصادره»]
وأول مصادر مكي في هذا الكتاب هو كتاب «التبصرة في القراءات»، وقد ذكر مكي ذلك فيه قوله: «قويت نيتي في كتاب قد علقت أكثره أعمله لنفسي تذكرة إن شاء الله، أذكر فيه كشف وجوه القراءات، واختيار العلماء في ذلك، ومن قرأ بكل حرف من الصدر الأول، وأقاويل النحويين وأهل اللغة، لا أخرج فيه عن شرح
(١) الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة ٣ /أ.