للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب أحكام الراءات وعللها]

«١» اعلم أن الراءات أصلها التغليظ والتفخيم ما لم تنكسر الراء، فإن انكسرت غلبت الكسرة عليها، فخرجت عن التفخيم إلى الترقيق وذلك نحو:

«مررت بساتر وغافر» (١) وشبهه، والدليل على أن أصلها التغليظ أن كلّ راء غير مكسورة فتغليظها جائز، وليس كل راء يجوز فيها الترقيق. ألا ترى أنك لو قلت:

«رغدا، ورقد» (٢) ونحوه بالترقيق لغيّرت لفظ الراء إلى نحو الإمالة، وهذا لا يمال، ولا علة فيه توجب الإمالة فيه.

«٢» واعلم أن الترقيق في الراء إمالة نحو الكسر، لكنها إمالة ضعيفة لانفرادها في حرف واحد، لأن الإمالة القوية ما كانت في حرفين، وأقوى منها ما كان في ثلاثة أحرف أو أربعة. وقد مضى بيان ذلك وعلته.

«٣» واعلم أن الراء، التي يجوز تغليظها وترقيقها، تكون ساكنة ومفتوحة ومضمومة، فأما الراء الساكنة فحرف ضعيف لسكونه، فهو يدبره ما قبله مرة وما بعده مرة لضعفه في نفسه. فإذا كان قبله كسرة لازمة، غير عارضة، رقّقت الراء، لقربها من الكسرة التي قبلها. وإذا كان بعدها ياء رقّقت، لقربها من الياء التي بعدها، وذلك في الكسر نحو: «من فرعون، وأنذرهم»، وفي الياء نحو: «مريم، وقرية»، فإن انكسر ما قبلها وأتت الياء بعدها فذلك أقوى في ترقيقها، نحو: «مرية» (٣)، فهذا حكمها ما لم يأت بعدها حرف من حروف


(١) للثاني مثال في سورة غافر (آ ٣).
(٢) للثاني مثال في سورة البقرة (آ ٣٥).
(٣) الأحرف على ترتيب ذكرها في سورة الأعراف (آ ٩)، مريم (آ ٣٩)، البقرة (آ ٨٧، ٥٨)، هود (آ ١٧).