للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب في مقدمات أصول الادغام والاظهار (١)

اعلم أن الإظهار في الحروف هو الأصل، والإدغام دخل لعلة تذكر إن شاء الله. وإنما قلنا: إن الإظهار هو الأصل لأنه أكثر، لأن الواقف يضطر فيه إلى الإظهار، ولاختلاف لفظ الحرفين. واعلم أن أصل الإدغام إنما هو في الحرفين المثلين. وعلة ذلك إرادة التخفيف، لأن اللسان إذا لفظ بالحرف من مخرجه، ثم عاد مرة أخرى إلى المخرج بعينه، ليلفظ بحرف آخر مثله صعب ذلك، وشبّهه النحويون بمشي المقيد، لأنه يرفع رجلا ثم يعيدها إلى موضعها أو قريب منه، وشبّهه بعضهم بإعادة الحديث مرتين، وذلك ثقيل على السامع.

وذلك نحو: «قال لهم، وذهب بسمعهم» (٢). ولذلك أدغم أبو عمرو هذا النوع، ويقوّي حسن الإدغام في هذا النوع أن الأول، إذا سكن في (٣) هذا النوع لم يكن بد من الإدغام، نحو: «قل لهم، وارغب بسم» (٤) وشبهه، إلا الواو التي قبلها ضمة، والياء التي قبلها كسرة، الساكنين، فإنهما لا يدغمان في مثلهما في أكثر الكلام لمشابهتهما للألف، نحو: «في يوسف، وآمنوا وعملوا» (٥). واعلم أن غير المثلين، إذا تقاربا في المخرج وسكن الأول، أشبها المثلين اللذين هما من مخرج واحد، فجاز فيهما


(١) ص: «الإظهار والإدغام».
(٢) الحرفان في سورة البقرة (آ ٢٤٧، ٢٠٠).
(٣) ص: «من».
(٤) أول الحرفين في سورة النساء (آ ٦٣)، وثانيهما في الانشراح (آ ٨) واللفظ الأول من البسملة.
(٥) أول الحرفين في سورة يوسف (آ ٧)، وثانيهما في البقرة (آ ٢٥)، انظر الرعاية لتجويد القراءة ٤٩ /ب، والنشر ١/ ٢٨١