للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإدغام ما لم يمنع من ذلك مانع. فعلى هذا يجري الإدغام ويحسن. واعلم أن الإدغام إنما يحسن في غير المثلين، ويقوى إذا سكن الأول، وهو على ضربين:

أحدهما إذا كان الحرفان متقاربين في المخرج، والحرف الأول أضعف من الثاني، فيصير بالإدغام إلى زيادة قوة، لأنك تبدل من الأول حرفا من جنس الثاني. فإذا فعلت ذلك نقل لفظ الضعيف إلى لفظ القوة، فذلك حسن جيد.

والضرب الثاني أن يكون الحرفان المتقاربان في القوة سواء كالمثلين، فيحسن الإدغام، إذ لا ينتقص الأول من قوته قبل الإدغام. وضرب ثالث من إدغام المتقاربين ضعيف قليل، وهو أن يكون الحرف الأول أقوى من الثاني، فيصير بالإدغام أضعف من حاله قبل الإدغام. فالذي يزداد (١) قوة مع الإدغام هو كإدغام التاء في الطاء نحو: ﴿قالَتْ طائِفَةٌ﴾، و ﴿وَدَّتْ طائِفَةٌ﴾ (٢) لأن التاء حرف ضعيف للهمس الذي فيه، والطاء حرف قوي للإطباق والجهر والاستعلاء والشدة اللواتي فيها (٣)، فهو أقوى من التاء كثيرا، فإذا أدغمت التاء نقلتها من ضعف إلى قوة مكررة.

فهذا لا تكاد العرب تظهره، وكذلك أجمع القراء على الإدغام في هذا. فإن نقصت قوة الحرف الثاني، وهو مع نقص قوته أقوى من الأول (٤)، حسن الإدغام والإظهار، نحو: ﴿لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ﴾ «الحج ٤٠» (٥) و ﴿حَمَلَتْ ظُهُورُهُما﴾ «الأنعام ١٤٦»، لأن الصاد نقصت عن قوة الطاء لعدم الجهر، وكون الهمس فيها، والظاء نقصت عن قوة الطاء لعدم التشديد (٦)، وكون الرخاوة فيها والذي تتساوى قوة الحرفين فيه إدغام الذال في التاء، وذلك أن الذال فيها ضعف وقوة، فالضعف من جهة أنها رخوة، والقوة من جهة أنها مهجورة، كذلك التاء فيها ضعف وقوة، فالضعف من جهة أنها مهموسة، والقوة من جهة أنها شديدة، فقد تقاربتا في


(١) ب: «يزاد» ووجهه ما في: ص.
(٢) الحرفان في سورة آل عمران (آ ٦٩.٧٢) وسيأتي ذكرهما في «فصل في إدغام الثاء في الذال .. » الفقرة «٤».
(٣) ص: «فيه».
(٤) ص: «الحرف الأول».
(٥) سيأتي ذكر هذا الحرف في «علل إدغام تاء التأنيث» الفقرة «١».
(٦) ص: «الشدة».