للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنها توشك أن تخلو أيضا من الهلهلة والثقل اللذين يسمان العبارة المتكررة.

والمحاكمة والتدليل، وهي ميزة ظاهرة فيما يطبع أسلوبه من استعمال الشرط، يدعم ذلك التمثيل والاستشهاد والعزو، فنراه يأتي بوجوه محتملة، وأخرى مروية، ويناقشها ويعاود بيانها، وعرض جوانبها، فإذا استنفذ كل وجه جاء بالوجه الذي يذهب إليه مدللا عليه محتجا له.

والنتائج والأحكام، وهي تلزم عن المحاكمة والتدليل لما يتوجب على من يحتكم ويدلل من الخلوص إلى نتيجة وحكم على ما عالجه. وما أكثر ما نقرأ قوله، على نحو ما كان يفعل كثير من أئمة كل فن من المتقدمين «فافهم ذلك» و «فاعلمه» وما أشبه ذلك من هذه العبارات التي يختم بها مسألة بحثها وأشبعها بيانا. وربما كانت نتائجه قاطعة، وربما كانت ترجيحية أو مساوية.

وآخرها منهجيته، فكل ما تقدم من ميزات أسلوبه يقتضي هذه المنهجية التي تسم كل موضوعاته وكتبه، فهو ككثير من المتقدمين من العلماء والمؤلفين، يقدّم لموضوعه بالخطة التي يعزم على اتباعها في البحث والدرس، وهو كثيرا ما يكرر ذكر خطة أو فكرتها في غير مقدمة من مقدمات كتبه، حتى كأن كتبه في مجموعها أبواب وفصول كتاب واحد!

بيد أن عبارة مكي، إذا ما أكثر الاستقصاء، وتتبع ومحّص، يبدو عليها الغموض حينا، والهلهلة أحيانا أخرى، ولكنها في كل حال هنات معدودة.

[(٤) نشاطه التأليفي وفهرسته]

ويعدّ مكي فيمن كثرت تآليفه، وكان نشيطا في التأليف على الرغم من الظروف الاجتماعية والسياسية والثقافية التي كانت عرضت له في حياته العامة ما بين طلبه ودخوله الأندلس.

وبالرغم من ذلك فإن كثيرا ممن ترجموه ذكروا أعداد ما ألّف مكي من كتب، واقتصر بعضهم على عدد منها خشية التطويل، واختصر بعضهم فوصفه بكثرة التأليف والنشاط فيه (١). وأرجح أن مكيا واظب على التأليف إلى قبيل وفاته إذ


(١) نزهة الألباء ٣٤٧، وبغية الملتمس ٤٦٩. ومعجم الأدباء ١٩/ ١٦٨، وأنباه الرواة ٣/ ٣١٤، ومعرفة القراء الكبار ٣١٧، وسير أعلام النبلاء ١١/ ١٣١ /ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>